فإن كان الوجه في ذلك استلزمه إحراج المكلف على الوقوع في العصيان. فهذا المحذور مخصوص بالأوامر الوجوبية ولا يجري في الأوامر الاستحبابية لعدم تحقق العصيان بمخالفتها.

وإن كان الوجه في ذلك استلزمه طلب الجمع بين الضدين ـ كما زعمه القائلون باستحالة الترتب ـ أو كان الوجه فيه ما هو الصحيح من أن الخطابات ظاهرة في داعي الباعثية والمحركية فلا تشمل موارد عدم إمكان التحرك والانبعاث فلا بد من افتراض تقيدها لباً بحال عدم الاشتغال بضد واجب مساو أو أهم كما برهنا عليه فيما سبق ، فهذان الوجهان لا يفرق فيهما بين الأوامر الوجوبية والأوامر الاستحبابية إذ كما لا يعقل طلب الجمع بين الضدين وجوباً كذلك استحباباً ، وكما أن الأمر الوجوبيّ ظاهر في داعي الباعثية والمحركية كذلك الأمر الاستحبابي فإنه لا فرق بينهما إلاّ من حيث شدة الطلب وضعفه. فلو كان للأمر الاستحبابي بأحد الضدين إطلاق حتى لحال الاشتغال بضده المستحب الأهم أو المساوي ، فإن كان الغرض منه الإتيان به مع الإتيان بالآخر جمعاً فهو مما لا يمكن التحريك نحوه ، وإن كان الغرض منه صرف المكلف عن الضد المساوي أو الأهم إليه فهو جزاف ، كما تقدم في شرح البرهان على المقيد اللبي.

نعم ، لو فرض أن دليل الاستحباب كان بلسان المحبوبية والرجحان لا الطلب أمكن إطلاقه حتى لحال الاشتغال بغيره لأن المستحيل إطلاق الطلب للضدين في عرض واحد لا إطلاق مباديه كما أشرنا إليه فيما سبق.

ثم إنه إذا ضممنا إلى هذا الكلام من السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ مبناه في دلالة الأمر على الوجوب القائل بأن مفاد الأمر ليس إلاّ الطلب وأما الوجوب فيثبت بحكم العقل إذا لم يقترن الأمر بترخيص من المولى في الترك فسوف تترتب على ذلك نتائج في باب التزاحم لا يلتزم بها السيد الأستاذ نفسه. إذ ينتج من ذلك.

أولا : إن إخراج باب التزاحم عن باب التعارض لن يحتاج فيه إلى القول

۴۲۷۱