وأما التخصيص : فالوجه في خروجه عن التعارض هو أن حجية العام ـ بل حجية كل دليل ـ تتوقف على أمور ثلاثة : صدوره عن المعصوم ، وكون ظاهره مراداً للمتكلم ، وأن إرادته له جدية. ومن المعلوم أن بناء العقلاء على العمل بالظواهر إنما هو في مقام الشك في المراد الاستعمالي أو المراد الجدي دون فرض العلم بإرادته خلاف الظاهر أو أنه في مقام التقية أو الامتحان ، فلا يمكن الأخذ بالظهور مع قيام القرينة على الخلاف ، بلا فرق بين كونها متصلة أو منفصلة ، غايته أن القرينة المتصلة تمنع عن انعقاد الظهور من أول الأمر ، دون القرينة المنفصلة فإنها تكشف عن كونه غير مراد للمتكلم.
وأيضا ، لا فرق بين القرينة القطعية والقرينة الظنية ، كالخبر فإنه قرينة قطعية غير وجدانية بل قرينة تعبدية ، غايته : أن القرينة القطعية مقدمة على الظهور بالورود ، لارتفاع موضوع حجيته وجداناً ، إذا لا يبقى معها شك في المراد ، بخلاف القرينة الظنية فإنها مقدمة بالحكومة لارتفاع موضوع حجيته بالتعبد الشرعي.
فالدليل الخاصّ وإن كان مخصصاً بالنسبة إلى الدليل العام لكنه حاكم بالنسبة إلى دليل حجية العام ، لأنه يرفع الشك في المراد من العام تعبداً ، فمرجع التخصيص إلى الحكومة بالنسبة إلى دليل الحجية فلا منافاة بينهما على ما تقدم.
كما أن مرجع الحكومة إلى التخصيص فإن مفاد قوله ٧ ( لا رِبا بين الوَالد ووَلَدِهِ ) هو نفي حرمة الرّبا بينهما ، وإن كان بلسان نفي الموضوع ، فهو تَخصيص بالنسبة إلى الأدلة الدالة على حرمة الرّبا عموماً ، لكنه تخصيص بلسان الحكومة.
فتحصل ، مما ذكرنا : أن الخاصّ يقدم على العام من باب الحكومة بالنسبة إلى دليل حجية العام ، وإن كان تخصيصاً بالنسبة إلى نفس العام. وهذا هو الفارق بين التخصيص والحكومة المصطلحة فإن الدليل الحاكم حاكم على نفس الدليل المحكوم في الحكومة الاصطلاحية ، بخلاف التخصيص إذ