فإذا تمّ ذلك فمن الواضح أنّ الجواز إنّما يختص بما يرتفع الغبن والضرر بالنظر إليه وذلك على ما عرفته هو المحاسن بالمعنى الذي يعمّ الساق ، وعليه فلا يجوز النظر إلى ما لا دخل له في ذلك من أعضاء البدن.
ومن هنا لم يكن تجريد الأَمة حين الشراء أمراً متعارفاً في الخارج ، إذ لا دخل لغير المذكورات منها في معرفة محاسنها.
وعليه فالمتحصل : أنّه لا إطلاق لصحيحة محمد بن مسلم يشمل جميع بدن المرأة.
وأما رواية الحسن بن السري ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يريد أن يتزوج المرأة ، يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها؟ قال : «نعم ، لا بأس أن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ، ينظر إلى خلفها وإلى وجهها» (١) فهي من حيث الدلالة لا إطلاق فيها يشمل جميع البدن ، إذ لا ظهور فيها في كون النظر إلى خلفها بتجريدها من ثيابها ، بل الظاهر إنّه إنما يكون من وراء الثياب لمعرفة حجمها.
ومن حيث السند فهي ضعيفة بالحسن بن السري الذي لم يثبت توثيقه (٢).
وكذلك روايته الثانية عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه سأله عن الرجل ينظر إلى المرأة قبل أن يتزوجها ، قال : «نعم ، فَلِمَ يعطي ماله» (٣). فإنّها من حيث الدلالة كصحيحة محمّد بن مسلم ، حيث لا إطلاق فيها يشمل جميع البدن ، على أنّها ضعيفة بالإرسال أيضاً.
نعم ، قد يستدل على ذلك بمعتبرة البزنطي عن يونس بن يعقوب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يريد أن يتزوج المرأة ، يجوز له أن ينظر إليها؟ قال : «نعم ، وترقّق له الثياب لأنّه يريد أن يشتريها بأغلى الثمن» (٤).
إلّا أنّها حتى مع غضّ النظر عن التعليل المذكور فيها لا دلالة لها على المدعى ، إذ
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ٣٦ ح ٣.
وراجع ص ١٣ ه ١.
(٢) راجع معجم رجال الحديث ٥ : ٣٣٠.
(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ٣٦ ح ٤.
(٤) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ٣٦ ح ١١.