واما ما ذكره في وجه المنع ، فقد تطابق الأعلام الثلاثة « النائيني والأصفهاني والعراقي » على تفسيره بالدور (١) ، ببيان : ان تنزيل القطع بالواقع التنزيلي يتوقف على القطع بالواقع التنزيلي ، وهو يتوقف على الواقع التنزيلي ، وهو يتوقف على تنزيل القطع به منزلة الواقع ، من باب توقف التعبد بأحد جزئي الموضوع على التعبد بالجزء الآخر.

ولكن لا صراحة ، بل لا ظهور في كلام صاحب الكفاية فيما حمل عليه.

نعم في تعبيره بالتوقف مجرد إشعار ، ولكنه كما يمكن ان يريد به ذلك يمكن ان يريد به التوقف بمعنى التلازم ، كما يقال : أحد الضدين يتوقف على عدم الآخر ، مع انه لا عليه ولا معلولية بينهما.

وعليه ، فمن الممكن ان يقال ان مراد صاحب الكفاية ليس هو محذور الدور ، بل ما ذكرناه سابقا في مقام بيان مراده ، من ان التعبد بأحد الجزءين ـ فيما نحن فيه ـ لما كان في طول الآخر ، كان التعبد بالآخر في ظرفه ممتنعا لعدم ترتب الأثر عليه وحده ، والغرض ان الجزء الآخر لا يتحقق إلاّ بعد التعبد به. فملخص الإشكال ، ان التعبد بالمؤدى لا أثر له شرعا وهو يمتنع من صحة التعبد ، إذ التعبد بالموضوع لا معنى له إلاّ التعبد بالحكم.

فمرجع كلام الكفاية : إلى انه لا بد ان يكون التعبد بأحد الجزءين في حين التعبد بالجزء الآخر ، لا ان التعبد بأحدهما يتوقف على التعبد بالآخر. وإلاّ لزم الدور حتى في مورد التعبد بالجزءين في عرض واحد كما لا يخفى. وقد أورد عليه المحقق الأصفهاني : بان الحكم الثابت للموضوع المركب ان كان قابلا للتحليل أمكن التعبد بكل جزء على حدة لترتب الأثر عليه نفسه ، وان لم يكن قابلا

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٢ ـ الطبعة الأولى.

الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٢٨ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٢٦ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۵۵۹۱