لكلا التنزيلين اجتماع لحاظين الآلي والاستقلالي في شيء واحد وهو محال ، فلا بد ان يكون الدليل متكفلا لأحدهما ، وهو تنزيلها منزلة القطع الطريقي لأنه هو الظاهر من دليل الاعتبار.

وأضاف إلى ذلك : انه لو لا المحذور الّذي ذكرناه لأمكن ان يلتزم بان مقتضى إطلاق دليل اعتبار الأمارة المتكفل لإلغاء احتمال الخلاف قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي بجميع اقسامه حتى المأخوذ بنحو الصفتية هذا ما أفاده في الكفاية (١).

وخالفه المحقق النائيني ـ كما أشرنا إليه ـ فذهب إلى قيام الأمارة بدليل اعتبارها مقام القطع الموضوعي الطريقي دون الصفتي ، وقدم لإيضاح ذلك مقدمات أطال في الكلام فيها ، فانه بعد ما ذكر ان المجعول في باب الأمارات هو الكاشفية التامة والمحرزية ، وان الدليل الدال على اعتبارها يتكفل تنزيلها منزلة القطع من جهة كاشفيته عن الواقع ومحرزيته له ، وذكر ان حكومة الأمارة على أدلة الأحكام الواقعية حكومة ظاهرية ، وعبّر عنها تارة : بالحكومة في مقام الإثبات في قبال الحكومة الواقعية ، وهي الحكومة في مقام الثبوت ، باعتبار ان دليل الأمارة لا يتكفل التوسعة أو التضييق في الواقع ، بل في طريق إحرازه. وأخرى : بأنها ما كانت في طول الواقع ، باعتبار ان حكومة دليل الأمارة بلحاظ وقوعها في طريق إحراز الواقع في رتبة الجهل به ، لا بلحاظ التوسعة في رتبة الواقع نفسه.

بعد ان ذكر ذلك بتفصيل ، ذكر ان كلام الكفاية واشكالها يتأتى بناء على جعل المؤدى في باب الأمارة. اما بناء على ما اختاره من جعل المحرزية والكاشفية والوسطية في الإثبات ، فلا يتم ما ذكره صاحب الكفاية ، إذ لم يلحظ

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٦٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۵۹۱