كالقتل لا في المورد القابل للتعدد نظير العقاب ـ بيان ذلك : انه لا إشكال في كون التجري من أوصاف وعناوين التصدي والعزم كما يراه صاحب الكفاية وتقدم تقريبه. كما انه لا إشكال في كون العقاب والثواب في مورد المعصية والطاعة على نفس ما به المخالفة وما به الموافقة ، فيعاقبه ويؤنبه على عدم سفره لو أمره بالسفر ولم يسافر ، كما يشكره على سفره لو سافر كما انه لا إشكال في عدم تعدد العقاب والثواب في مورد المعصية والإطاعة ، إذ المرجع هو الارتكاز العقلائي في هذا الباب وهو قاض بما ذكرناه ، إذ لا نرى ان السيد يعاقب العبد عقابين إذا خالف أمره أو نهيه ، ويثيبه ثوابين إذا وافق أحدهما ، ثواب على قصد الطاعة وثواب على نفس الطاعة ، فنستكشف من مجموع ذلك ان التجري انما يكون سببا وموضوعا للعقاب على تقدير عدم المصادفة وإلاّ فهو يندك في المعصية الحقيقية ويكون التأثير لها لا له.

ولعل هذا هو مراد الفصول. ومنه ظهر ما في الاحتمالين الأولين من النّظر كما لا يخفى. فتدبر.

الثالثة : في الثمرة العملية لهذا البحث ، وهي ما ذكره المحقق العراقي (١) رحمه‌الله بتوضيح منا : من انه بناء على قبح التجري ومبعديته وانطباقه على نفس العمل المتجري به ، لو قامت أمارة على حرمة شيء ذاتا كما لو قامت على حرمة صوم هذا اليوم كيوم العيد ، فلا يمكن الإتيان بهذا العمل برجاء المطلوبية واقعا ، لأنه قبيح ومبعد ، إذ الإتيان به تجرّ فلا يصلح للمقربية ولا يقع عبادة.

واما بناء على ما ذهب إليه الشيخ من انه لا قبح في العمل المتجري به وانما الذم على الصفة الكامنة في النّفس التي يكشف عنها التجري ، وهي خبث

__________________

(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٤٢ ( القسم الأول ) طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۵۵۹۱