حد التواتر وكان بعض أدلته من الكتاب للقطع بالصدور ، فلا بد من طرح معارضة لأنه يباين الكتاب والسنة الواقعية.
هذا ولكن الإنصاف ان كثيرا ما سيق شاهدا على ثبوت استحقاق العقاب غير صالح للشهادة. وتوضيح ذلك :
اما ما ورد من ان الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم ، فهو وارد في الرضا وإقرار ما جاء به الغير من المعصية وليس مورده قصد إتيان المعصية ، الّذي هو محل الكلام ، فهو يرتبط بباب وجوب إنكار المنكر بالقلب إذا لم يتمكن من إنكاره باليد أو اللسان ، فلا يرتبط بما نحن فيه.
واما قوله تعالى : ﴿ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ﴾ فليس المراد ثبوت العقاب على نية السوء ، بل المراد الظاهر منها هو ان ما فرض كونه محرما من الأمور القلبية الحال فيه سواء بين الإبداء والإخفاء لاطلاع الله تعالى عليه ، فموضوعه ما فرض كونه محرما من افعال النّفس كالشرك والنفاق ، وان الحال فيه إذا اختلف على الناس بين الإبداء والإخفاء فهو لا يختلف على الله سبحانه. فلا تكون الآية مرتبطة بتحريم مطلق نية السوء. والشاهد على ما ذكرنا هو عدم إرادة العموم منها جزما لو أريد منها المعنى الأول لعدم العقاب على ما في النّفس من الأمور غير الاختيارية كما لا عقاب على نية المباح والواجب والمكروه والمستحب والآية تأبى عن التخصيص مع انه تخصيص مستهجن لأنه بالأكثر.
واما ما ورد من العقاب على إرادة القتل ، فهو لا يدل على العقاب على مطلق قصد المعصية ، إذ من المحرمات ما يحرم جميع مقدماته شرعا أو بعضها نظير حرمة غرس العنب لأجل التخمير ، وحرمة مقدمات الرّبا ، والرواية تدل على ان إرادة القتل كذلك ، فهذه تكون محرمات نفسية كالفعل ، وليس العقاب عليها من باب انه تجرّ وقصد للحرام.