استحالة البعث نحو الإطاعة شرعا الّذي سنوضحه إن شاء الله تعالى.

ويتحصل من مجموع ما ذكرناه : انه لا يمكن جعل الحرمة في مقام الثبوت كما انه لا دليل إثباتا عليها في بعض الصور.

هذا تمام الكلام في تحرير المسألة بنحو تكون أصولية.

واما تحريرها بالنحو الفقهي : فيرجع إلى البحث في قيام الدليل الخاصّ على حرمة التجري بعنوانه أو حرمة الفعل المتجري به كسائر موارد البحث عن حرمة الأفعال.

وتحقيق البحث : ان الّذي يمكن ان يتوهم كونه دليلا على حرمة التجري أمران :

الأول : ما ورد من الاخبار الدالة على ثبوت العقاب في مورد التجري على نية السوء وإرادة العمل التي ذكرها الشيخ (١) وادعى انها بحد التواتر ، بضميمة دلالة الوعيد بالعقاب بالدلالة الالتزامية العرفية على حرمة العمل ، ولذا تبين حرمة بعض المحرمات بطريق الوعيد بالعقاب عليها ، فانه ظاهر عرفا في الحرمة ، كما يدعى ان الوعد بالثواب دال عرفا على رجحان العمل ، ولأجله استظهر استحباب العمل الّذي وردت فيه رواية ضعيفة بواسطة اخبار : « من بلغه ثواب ... » ـ على ما سيأتي بيانه ـ وادعى وجوب الاحتياط في الشبهات بواسطة الوعيد بالوقوع في المهلكة على تركه الوارد في اخبار الاحتياط.

أقول : مع الغض عن المناقشة في كلية هذه الدعوى فان لها مجالا آخر ، ليس لنا الأخذ بنتيجتها ، لقيام البرهان على استحالة تعلق الحرمة في مورد التجري ، سواء بنية السوء أم بالجري النفسيّ أم الخارجي ، لا بملاك اجتماع المثلين ولا التسلسل وانما هو بملاك استحالة تعلق الوجوب الشرعي بالإطاعة

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٥ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱