وأما ما حكي عن الشيخ من إنكار كون الفاء للتفريع والسببية ، بل هي عاطفة (١). فقد ردّه الأصفهاني : بأنه خلاف الاصطلاح لعدم التقابل بين السببية والعطف ، بل العاطفة تارة للسببية. وأخرى للترتيب. وثالثة للتعقيب (٢).

وبالجملة : لا يسعنا إلا الالتزام بأن الفاء في النص ظاهرة في تفرع العمل عن الثواب بنحو يكون الثواب داعيا للعمل.

ومقتضى ما تقدم الالتزام بان الثواب مترتب على العمل المقيّد ، فلا دلالة له على الاستحباب.

لكن المحقق صاحب الكفاية ذهب إلى : أن ظاهر النص ترتب الثواب على ذات العمل ، ولو كانت الفاء للتفريع وظاهرة في داعوية الثواب إليه ، ولا منافاة بينهما ، ومن هنا التزم بدلالة النص على استحباب ذات العمل (٣).

وقد قرّبه المحقق الأصفهاني بما لا يخلو عن إشكال بل منع ، فقد ذكر في مقام تقريبه : ان الظاهر من الثواب البالغ هو الثواب على العمل بذاته لا بداعي الثواب المحتمل ، لأن مضمون الخبر الضعيف هو ذلك ، كمضمون الخبر الصحيح ، وهذا الطور لا ريب فيه.

كما أن الظاهر من أخبار من بلغ هو كونها في مقام تقرير ذلك الثواب البالغ وتثبيته ، ومقتضى ذلك ثبوته لنفس العمل ، لأنه هو الّذي بلغ الثواب عليه ، فلو ثبت الثواب ـ باخبار من بلغ ـ لغير ذات العمل لزم أن يكون ثوابا آخر لموضوع آخر ، وهو ينافي ظهور الاخبار في إثبات نفس ذلك الثواب البالغ المفروض كون موضوعه هو ذات العمل.

ولا ينافي هذا الظهور ظهور الفاء في التفريع الظاهر في داعوية الثواب

__________________

(١) رسالة التسامح للشيخ الأنصاري.

(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٢١ ـ الطبعة الأولى.

(٣) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٥٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۵۹۱