وأفاد المحقق النائيني قدس‌سره ـ في وجه إنكار الاستصحاب ـ : ان الاستصحاب إنما يصح في المورد الّذي يدور الأثر فيه مدار الواقع.

أما إذا كان الأثر يترتب على مجرد الشك في الواقع ـ كما في المقام ، لأن عدم العقاب من آثار مجرد الشك لقبح العقاب بلا بيان ـ ، فلا فائدة في الأصل لأجل إثبات عدم العقاب فانه من تحصيل الحاصل ، بل هو من أردإ أنحائه ، لأنه من باب تحصيل المحرز بالوجدان بواسطة الأصل (١).

وقد استشكل المحقق العراقي قدس‌سره في توهم ان العدم ليس بمقدور فلا يقبل الجعل : بأن العدم مقدور وبيد الشارع إبقاؤه ورفعه.

كما استشكل فيما أفيد من عدم الفائدة في الاستصحاب ، لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان بمجرد الشك ، فيتحقق القطع بعدم العقاب المطلوب من الاستصحاب وملاحظة الحالة السابقة : بان لدينا حكمين للعقل :

أحدهما : حكمه بقبح العقاب بلا بيان. والآخر : حكمه بقبحه لبيان العدم. والاستصحاب يحقق موضوع الحكم الثاني ، فيكون واردا على قاعدة قبح العقاب بلا بيان لنفيه موضوعها.

ولو لم يلتزم بذلك لامتنع جريان الأمارات النافية ، لعدم ترتب فائدة عليها بعد حكم العقل بالبراءة بمجرد الشك (٢).

أقول :

أما ما أفاده المحقق النائيني رحمه‌الله ، فقد تقدم الحديث فيه مفصلا في مبحث تأسيس الأصل في باب الحجية. فراجع (٣).

وأما ما أفاده الشيخ رحمه‌الله ، فالظاهر أن نظره هو : عدم قابلية عدم

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ٢ ـ ١٩١ ـ الطبعة الأولى.

(٢) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٢٣٩ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٣) راجع ـ ١٩٦ من هذا الجزء.

۵۵۹۱