وثانيا : بأنه لو سلم كون الشبهة موضوعية ، فلا وجه للالتزام بالبراءة ..

لا عقلا ، لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، وقد عرفت عدم المجال لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.

ولا نقلا ، لأن العمدة مما دل من النقل على البراءة في الشبهة الموضوعية وهو قوله عليه‌السلام : « كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال ... » (١). وقد ذكر الشيخ في محله ان هذا القيد لبيان منشأ الشبهة وأنه وجود القسمين. ومن المعلوم ان المنشأ للشبهة في المقام ليس ذلك ، بل هو احتمال الحرمة ، فلا يشمل الحديث المقام.

وأما دعوى استلزام الترخيص الشرعي للجبر والتدارك من قبله فهي تشكل بأنه يمكن ان يكون الترخيص لمصلحة داعية إليه من دون تدارك للمضرة الفعلية.

ثم إنه قدس‌سره أنكر موضوع القاعدة فيما نحن فيه ، وادعى ان احتمال الحرمة لا يلازم احتمال الضرر ، إذ احتماله بتبع احتمال الحرمة يبتني على تبعية الأحكام للملاك في المتعلق.

ولكنه على تقديره ، فهو بملاك المصالح والمفاسد في المتعلقات لا بملاك المنافع والمضار ، إذ قد يكون الشيء حراما ونافعا شخصا كالربا ، وقد يكون واجبا وضارّا بالضرر المالي كالزكاة والخمس ، أو الضرر البدلي كالجهاد والصوم (٢).

وخلاصة الجواب عن الإشكال من جهة وجوب دفع الضرر المحتمل بنحو يجمع كلمات الكفاية وغيره ، هو : أن القاعدة ممنوعة صغرى وكبرى :

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٧ ـ باب : ٦١ من الأطعمة المباحة ، الحديث : ١ و ٧.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. حاشية فرائد الأصول ـ ١٢٣ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱