الثالث : ما أفاده قدس‌سره وهو يبتني على مقدمتين ذكرهما :

إحداهما : ان الموضوع للحكم الشرعي ليس هو الوجود الخارجي ، إذ متعلق الحكم وموضوعه هو ما يتقوم به الحكم في أفق الاعتبار ، وهو الموضوع الكلي ، لامتناع كون الشيء الخارجي متعلقا للحكم ، كما بيّن في محله.

وثانيتهما : ان للموضوع والمتعلق وجودا بوجود الحكم ، فان الحكم والبعث حيث انه من الصفات التعلقية التي لا توجد إلا متعلقة بمتعلقها ، كان المتعلق والموضوع موجودا بعين. وجود الحكم يصطلح عليه بالوجود الشوقي ، وهو وجود للماهية غير وجودها الخارجي والذهني.

وذكر : بان نسبة الوجود إلى متعلق الحكم في أفق الاعتبار نسبة حقيقية عرفا ، وإن كانت بالدقة مجازية كنسبة الوجود إلى الماهية ، فانها عرفا حقيقية لكنها بالدقة مجازية ، إذ الموجود في الخارج هو الوجود لا الماهية.

إذا عرفت ذلك ، فقد ذهب قدس‌سره إلى : أخذ الفعل بمعنى الموضوع الكلي ويسند الرفع إليه حقيقة ، لأن رفع الموضوع تشريعا مساوق لرفع الحكم ، كما ان وضعه بعين وضع الحكم ، فتنحفظ وحدة السياق.

ويراد من الحديث رفع الموضوع الكلي المجهول نفسا ، كشرب التتن المجهول كونه موضوعا ، والمجهول تطبيقا كشرب الخمر المجهول كونه موضوعا تطبيقا ومن جهة انطباق الموضوع الكلي عليه (١).

ولكن ما أفاده لا يمكن الموافقة عليه بأكثر جهاته ..

أما ما أفاده قدس‌سره من ان متعلق الحكم ليس هو الوجود الخارجي ، فهو مما لا إشكال فيه كما تقدم في مبحث متعلق الأحكام. لكن تقدم هناك لا يمكن أيضا الالتزام بان متعلق الحكم هو الماهية ، لأنها بما هي غير قابلة لتعلق

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ١٨١ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱