ثانيا : لأن الظاهر من الموصول فيما لا يعلمون هو ما كان بنفسه معروض الوصف ـ أعني عدم العلم ـ كما في سائر الفقرات ، فان المراد بالموصول فيها ما كان معروضا للوصف المأخوذ في الصلة من الاضطرار والإكراه وغيرهما.

فإذا أريد من الموصول فيما لا يعلمون الموضوع يلزم منه مخالفة هذا الظهور ، لأن الموضوع لا يكون بنفسه معروض لعدم العلم ، وإنما يكون المعروض له عنوانه. فيدور الأمر بين حفظ السياق من هذه الجهة بحمل الموصول على إرادة الحكم المشتبه ، وبين حفظه من الجهة الأخرى بحمله على إرادة الموضوع ، والعرف يعين الأول فيتعين الحمل فيما لا يعلمون على إرادة الحكم (١).

ومع التردد يكون الكلام مجملا لا يتعين فيه أحد الاحتمالين.

ولكن هذا الوجه كسابقه محل منع ، وذلك ..

أما دعوى اختلال السياق بذكر الطيرة والحسد والوسوسة ، لعدم إرادة الفعل منها. فلأنه لا يلزم في وحدة السياق ان يكون المراد بجميع فقرات الكلام الطويل شيئا واحدا حتى تحمل عليه الفقرة المشكوكة ، بل يكفي فيه تكرر اللفظ الواحد بلا فصل ، ولو كان صدر وذيل الكلام أمرا بعيدا عن المراد باللفظ المتكرر. وليس في هذه الألفاظ لفظ الموصول كي يقال ان اللفظ الواحد المتكرر أريد منه في مورد شيء وفي آخر معنى آخر فيختل السياق. كما أنها لم تقع فاصلة بين : « ما لا يعلمون » وسائر الفقرات ، حتى لا يكون هناك ظهور في وحدة المراد من الموصول ، بل جاءت هذه الألفاظ في آخر الكلام ، فلا تكون موجبة للاختلال بالظهور السياقي للموصول في الفقرات المتعددة.

وأما دعوى معارضة وحدة السياق من جهة الموصول بوحدة السياق من

__________________

(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٢١٦ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۵۵۹۱