فتكون حكومتها على حكم العقل بالاحتياط من شئون حكومتها على الأحكام الشرعية ، فان انتشار الأحكام الواقعية بين الأطراف الكثيرة ولزوم امتثالها هو الّذي استلزم الحرج ، فهو ينتهي بالآخرة إلى الأحكام الشرعية (١).

وفي كلا الوجهين نظر :

أما الأول : فلما أفاده المحقق الأصفهاني من : ان القدرة لازمة في تنجز التكليف ، فإذا اضطر إلى أحد الأطراف اضطرارا عقليا يخرجه عن حد اختياره امتنع تنجز التكليف في حقه لو كان فيما اضطر إليه ، بل يحكم العقل بمعذوريته ، وهكذا الحال لو اضطر إلى غير معين ، فان العقل يرخصه في اختيار أحد الأطراف ويكون معذورا لو صادف الحرام. وليس كذلك العسر والحرج ، فانه ليس من شرائط التكليف أو التنجيز عقلا ، كما انها لا تستلزم رفع التكليف شرعا لعدم كون متعلقه حرجيا ، فلا يمتنع تنجز العلم الإجمالي إذا كان الاحتياط حرجيا (٢).

وأما الثاني : فلأن المقصود منه بيان ان أدلة نفي الحرج ترفع الحكم الناشئ من قبله الحرج ، فهو ليس إشكالا على صاحب الكفاية ، لأنه خلاف مبناه ، وقد أشار إلى المبنى الآخر الملازم لحكومة أدلة نفي الحرج على قاعدة الاحتياط ، فليس أمرا جديدا.

وإن كان المقصود منه بيان انها رافعة لوجوب الاحتياط حتى على مسلك صاحب الكفاية في مقادها. ففيه : ما عرفت ان ما يستلزم العسر هو الاحتياط وهو ليس موضوعا لحكم شرعي كي يقبل الرفع شرعا.

إلا أن يكون نظره إلى ان وجوب الاحتياط وان كان عقليا لكنه ناشئ

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٢ ـ ٢٥٤ ـ ٢٥٥. طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ١٠١ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱