إذا كان يوجب العسر والحرج بلا اختلال في النظام ، فقد يحتمل عدم وجوبه استنادا إلى ما دل على نفي العسر والحرج.

ولكن صاحب الكفاية استشكل في ذلك ، بل منعه ، ابتناء على ما اختاره في مفاد أدلة نفي الحرج ونفي الضرر (١).

وبيان ذلك : ان الاحتمالات في مفاد أدلة نفي الضرر ونفي الحرج متعددة ، وما يرتبط منها في المقام اثنان :

أحدهما : ما بنى عليه صاحب الكفاية من انهما يتكفلان نفي الحكم عن الموضوع الضرري أو الحرجي ، فالمراد من الضرر والحرج الموضوع الضرري والحرجي ، فيقصد نفي الحكم عنهما بلسان نفيهما (٢).

الآخر : ما ينسب إلى الشيخ من انهما يتكفلان نفي الحكم الضرري والحرجي ، بمعنى الحكم الناشئ من قبله الضرر والحرج ، فهما يتكفلان نفى السبب بلسان نفي المسبب (٣).

وعليه ، فقد ذكر في الكفاية : انه بناء على ما اختاره في مفاد دليل نفى الحرج لا يكون رافعا لوجوب الاحتياط العقلي. وذلك لأن موضوع الحكم الشرعي الواقعي لا يستلزم الحرج ، ولذا لا يرتفع لو علم به ، فلا ترفعه أدلة نفى الحرج ، وإنما المستلزم للحرج هو الاحتياط والجمع بين محتملات التكليف ، وهو ليس متعلقا لحكم شرعي بل عقلي ، فلا يقبل الرفع شرعا.

أما بناء على المسلك الآخر ، فأدلة نفي الحرج متكفلة لرفع الحكم الشرعي الواقعي ، لأن العسر ينشأ من قبل التكاليف المجهولة فيرفعها دليل نفي الحرج ، وبرفعها لا يبقى مجال لقاعدة الاحتياط عقلا لارتفاع موضوعها.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣١٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٨١ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٣) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣١٤ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱