لوضوح هذه المقدمة لدلالة سائر المقدمات عليها ، فمن الواضح ان وضوحها لا يوجب عدم مقدميتها ولا الاستغناء بذكر الباقي عن ذكرها ، وإلا كان بعضها الآخر كذلك ، بل بعضها أوضح ، هذا تمام كلامه (١).

ولعل مقصوده من البعض الأوضح هو المقدمة الثالثة ـ بحساب صاحب الكفاية ـ ، فان عدم جواز إهمال الأحكام وعدم التعرض لامتثالها من الواضحات التي لا تقبل الإنكار كما سيجيء.

ولا يخفى عليك ان هذا الحديث بين الاعلام أشبه باللفظي ، فان دخالة وجود العلم الإجمالي بالاحكام وتأثيره في تمامية الدليل مما لا ينكر. انما البحث في ذكره مقدمة بالاستقلال وعدم ذكره كذلك ، بل استفادته من طي الكلام وهذا المعنى ليس بمهم. ونستطيع ان نقول : ان الشيخ أخذ وجود العلم الإجمالي في جملة المقدمات ، إذ فرض وجود الواقعيات التي لا يجوز إهمال امتثالها وفرض انسداد باب العلم والعلمي ملازم للعلم الإجمالي ، ولولاه لما كان للمقدمات الأخرى موضوع ومجال.

نعم ، يختلف الشيخ عن صاحب الكفاية في ان تنبيهه على العلم الإجمالي بالالتزام. بخلاف صاحب الكفاية فانه نصّ عليه مطابقة وصريحا. والأمر سهل.

هذا ، ولكن المحقق العراقي أعطى هذه الجهة من البحث أهمية ، وذهب إلى : ان أخذ العلم الإجمالي في جملة المقدمات ينتج ما لا ينتجه الغض عنه وإهماله من المقدمات.

فذهب رحمه‌الله إلى : انه إذا فرض أخذ العلم الإجمالي كانت النتيجة هي التبعيض في الاحتياط لا حجية الظن ـ حكومة أو كشفا ـ ، بخلاف ما إذا لم يؤخذ العلم الإجمالي ، فان النتيجة هي حجية الظن لا التبعيض في الاحتياط.

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٩٩ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱