وثالثة : يضم إلى العلم الإجمالي علم إجمالي آخر في بعض أطراف العلم الأول ، كأن يعلم إجمالا بوجود النجس في هذه الأواني الثلاثة ، ويعلم إجمالا بوجود النجس في إناءين منها. وانحلال العلم الإجمالي الكبير بالعلم الإجمالي الصغير محل إشكال ، والّذي اخترناه عدم الانحلال به ، لأن نسبة العلمين إلى الأطراف المشتركة متساوية ، فإجراء الأصول في جميع أطراف العلم الكبير يستلزم المعارضة.
ولو قيل بالانحلال فهو انحلال حكمي لا حقيقي كما لا يخفى.
والّذي يذهب إليه الشيخ رحمهالله هو الانحلال ، وقد جعل الضابط في تحقق الانحلال به هو : عدم زيادة المعلوم بالإجمال الكبير على المعلوم بالإجمال الصغير ، بحيث كان المعلوم الكبير محتمل الانطباق على المعلوم الصغير ، وطريق معرفة ذلك هو ما تقدمت الإشارة إليه ، من انه لو عزلنا من أطراف العلم الإجمالي الصغير بمقدار المعلوم بالإجمال ، وضممنا باقي أطراف إلى باقي أطراف العلم الإجمالي الكبير ، فان بقي لدينا علم إجمالي لم يكن المورد من موارد الانحلال ، وإن لم يبق كان من موارد الانحلال.
وعليه ، فاحتمال انطباق المعلوم بالإجمال بالعلم الكبير على المعلوم بالإجمال بالعلم الصغير يكفي في تحقق الانحلال. وقد عرفت انه قدسسره ذهب إلى ان ما نحن فيه مما لا ينطبق عليه ضابط الانحلال ، بل ينطبق عليه ضابط عدم الانحلال ، كما تقدم تقريبه.
إذا عرفت ذلك فنقول : ان الظاهر من صاحب الكفاية انه يلتزم بكبرى الانحلال بهذا الضابط الّذي ذكره الشيخ رحمهالله ـ كما يشير إليه قوله : « بحيث لو علم تفصيلا ... » (١) ـ ، وانما اختلافه مع الشيخ صغروي ، بمعنى أنه
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٠٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.