ثم إنه قدس‌سره تعرض إلى نفي دعوى انحلال العلم الإجمالي الكبير ـ وهو ما كانت أطرافه مطلق الأمارات الظنية خبرا كانت أم غيره ـ بواسطة العلم الإجمالي الصغير ـ وهو ما كانت أطرافه خصوص الأخبار ـ. ببيان : ان انحلال العلم الإجمالي الكبير بالعلم الإجمالي الصغير انما يكون في صورة عدم بقاء العلم الإجمالي الكبير لو فرض انا عزلنا من أطراف العلم الإجمالي الصغير بمقدار المعلوم بالإجمال. أما إذا فرض بقاء العلم الإجمالي بين الباقي من أطراف العلم الإجمالي الصغير وسائر أطراف العلم الكبير لم يكن وجود العلم الإجمالي الصغير مؤثرا في انحلال العلم الإجمالي الكبير ، فيكون الكبير منجزا.

وما نحن فيه من هذا القبيل ، فانه لو عزلنا من الاخبار طائفة بمقدار المعلوم صدوره من الأخبار ، كان هناك علم إجمالي بوجود أحكام واقعية بين باقي الأخبار وسائر الأمارات الظنية ، وهذا أمر وجداني ، إذ لا يستطيع أحد ان ينكر عدم مطابقة جميع هذه الأطراف للواقع.

إذن فالعلم الإجمالي الكبير لا ينحل بالعلم الإجمالي الصغير ، فيكون منجزا ، وقد عرفت أن أثره العمل بكل مظنون من الأحكام ، دون خصوص الاخبار المظنونة الصدور.

الثاني : ان مقتضى الوجه المذكور هو لزوم العمل بالخبر الّذي يظن بمضمونه سواء كان مظنون الصدور أو لا ، إذ عرفت أن جهة العمل بالخبر هو كونه مشتملا على حكم الله الواقعي ، وهو يقتضي كون المناط الظن فيه لا في الصدور.

الثالث : ان مقتضى هذا الدليل لزوم العمل بالخبر المثبت للتكليف دون النافي ، كما انه يقتضى العمل به من باب الاحتياط ، فلا ينهض لإثبات الحجية بنحو يصلح الخبر لمصادمة ظواهر الكتاب أو السنة القطعية. والمقصود في حجية الخبر هو إثبات كونه دليلا متبعا في قبال الأصول اللفظية والعملية ، وسواء كان

۵۵۹۱