لا يفيد قوله العلم غالبا أمكن جعل ذلك دليلا على ان المقصود العمل بقوله وان لم يفد العلم ، لئلا يكون إلقاء هذا الكلام كاللغو » (١). فانه ظاهر جدا في كون محط نظره إلى نفي الملازمة في الآية الكريمة ، وبيان ان هذه الآية ليست كآية تحريم كتمان النساء ما في أرحامهن ، اللاتي لا يترتب العلم غالبا على إظهارهن ما في الأرحام ، فتدل بالملازمة العقلية على قبول قولهن في ذلك فلاحظ جيدا.

ثم انه لا يحق لأحد ان يورد على صاحب الكفاية : بأنه قدس‌سره ذكر هذين الإيرادين على آية النفر ، فكيف ينفي ورودهما هاهنا؟.

وذلك لأنه انما ذكرهما إيرادا على دعوى إطلاق وجوب التحذر ، لا على دعوى وجوب القبول للزوم اللغوية ، وقد عرفت تعدد وجوه الاستدلال بآية النفر دون هذه الآية.

وقد استظهر المحقق الأصفهاني رحمه‌الله من هذه الآية معنى أجنبيا عن حجية الخبر بالمرة ، فذهب إلى انها ظاهرة في حرمة كتمان وستر ما فيه مقتضى للظهور لو لا الستر ، بقرينة قوله : ﴿ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ ... ، فلا نظر فيها إلى وجوب الاعلام ، بل غاية ما تدل على لزوم كشف الحجاب عما بينه الله تعالى وأظهره ، ولا تدل على لزوم إعلام ما هو مستور في نفسه لو لا الاعلام ، فتدبر (٢).

وهذا الاستظهار لا بأس به قريب إلى الذهن والذوق.

ومنها : آية السؤال وهي قوله تعالى : ﴿ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٣).

وتقريب الاستدلال بها : ان وجوب السؤال يستلزم وجوب القبول عند الجواب وإلاّ لكان لغوا ، وبضميمة العلم بعدم دخالة خصوصية السؤال في وجوب

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٨١ ـ الطبعة الأولى.

(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٨٩ ـ الطبعة الأولى.

(٣) سورة النحل ، الآية : ٤٣ سورة الأنبياء ، الآية : ٧.

۵۵۹۱