كيف يدرك تجسم العمل في هذا الموضوع أو احتياج هذا الشخص للكمال النفسيّ أو ان عقابه يلائم المصلحة النوعية للنظام الأخروي؟!. فتدبر.

كما انه ظهر مما ذكرناه انه لا وجه حينئذ لدعوى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ـ في باب البراءة ـ ، إذ العقاب ليس بحكم العقل كي يكون هو المحكم في تحديد مورده ، بل المدار على الدليل النقلي ، فإذا دل على ترتب العقاب على المعصية كان مورده المخالفة العمدية مع العلم ، لظهور المعصية في ذلك ، واما إذا دل على ترتبه على مطلق المخالفة كما قد يستظهر من قوله تعالى : ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ (١) ، كان العقاب محتملا في مورد الجهل البسيط بالحكم ، وقد تحمل المخالفة على المعصية. وتمام الكلام موكول إلى محله.

وينتج مما ذكرنا : ان الأثر العقلي الثاني للقطع وهو المنجزية لا أساس له ، وان كان أمرا مفروغا عنه في الكلمات والأذهان. فالتفت ولا تغفل.

ثم ان الشيخ قدس‌سره استدل على وجوب متابعة القطع والعمل على وفقه : بأنه بنفسه طريق إلى الواقع (٢).

وقد يورد عليه : بان المراد من كونه طريقا ، انه واجب الاتباع ، فهو نفس المدعى فلا معنى لجعله تعليلا.

ويدفع هذا الإيراد : بان لدينا كبرى مسلمة ، وهي وجوب إطاعة حكم المولى وحرمة معصيته ، وغرض الشيخ رحمه‌الله تطبيق هذه الكبرى على مورد القطع. ومن الواضح تعارف تعليل ثبوت الحكم في مورد باندراجه تحت كبرى معلومة. فمثلا لو ثبت وجوب إكرام الفاضل ، صح ان يقال : أكرم زيدا لأنه مشتغل ذكي بلحاظ ملازمة ذلك لكونه فاضلا.

وبالجملة : القطع وان كانت حقيقته الانكشاف والطريقية ، ولكن لا يمتنع

__________________

(١) سورة النور الآية : ٦٣.

(٢) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱