وجملة القول : ان ما أفاده قدس‌سره في توجيه حجية الإنذار لا يمكننا الالتزام به.

فالعمدة في تقريب استفادة حجية الإنذار من الآية الكريمة ، هو ما قيل من : ان المفروض كون التحذر غاية للإنذار بضميمة مقدمتين أخريين :

إحداهما : كون وجوب الإنذار ثابتا في حق كل متفقه بنحو العموم الاستغراقي.

والثانية : ثبوته بالنسبة إلى كل فرد مطلقا سواء أفاد العلم أم لم يفده.

فإذا تمت هاتان المقدمتان ، وضمت إليها المقدمة الأخيرة وهي انحصار فائدة الإنذار في التحذر ، ثبت وجوب التحذر عند تحقق الإنذار ولو لم يفد العلم ، وإلاّ لكان الإنذار لغوا.

فالدليل مؤلف من مقدمات ثلاث ، ونتيجته ثبوت وجوب التحذر بقول مطلق ولو لم يفد الإنذار العلم.

والمقدمة الأولى لا مناقشة لنا فيها. وان ادعى إرادة العموم المجموعي من الآية الكريمة ، لكنه خلاف ما حقق من ان ظاهر العموم الأولي هو العموم الاستغراقي.

والمهم هو الكلام في المقدمة الثالثة ، ومنه يظهر الحال في المقدمة الثانية.

وقد وقع الكلام في ان الفائدة والغاية من وجوب الإنذار المطلق هل هو التحذر نفسه كي يتم الدليل. أو هو ظهور الحق وإيضاح الواقع والدين ، ليترتب عليه التحذر ، وهو يتحقق بإنذار عدة بحيث يكون إنذار كل منهم جزء للمؤثر؟. وقد أشار إلى هذا الاحتمال صاحب الكفاية ، وبه يبطل الاستدلال ، إذ يخرج وجوب الإنذار عن اللغوية ولو لم يكن حجة لترتب أثر تكويني مرغوب عليه (١).

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٩٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۵۹۱