من التغاير ـ أعني التغاير بين الطبيعي وفرده ـ يكفي في رفع المحذور الإثباتي ، إذ الطبيعي غير الفرد ، فملاحظته في مرحلة سابقة على الفرد لا تستلزم ملاحظة الشيء في مرحلة سابقة على نفسه كما يتحقق التخلص عنه بالالتزام بالتغاير بنحو الإجمال ، والتفصيل ، نظير ملاحظة الجزء بنفسه وملاحظته في ضمن المركب المشتمل عليه ، فان ملاحظة الكل ملاحظة للجزء إجمالا. فيقال : ان الحجية الملحوظة في طرف الموضوع ملحوظة بنحو الإجمال من طريق ملاحظة طبيعي الأثر ، وذلك بملاحظة ان نسبة الطبيعي لافراده نسبة الكل إلى اجزائه.
وبالجملة : بأحد هذين الطريقين يرتفع محذور ملاحظة الشيء في مرحلة سابقة على نفسه للتغاير بين الموضوع والحكم إثباتا فلاحظ وتدبر.
الإشكال الثاني : هو ان موضوع الحجية هو الخبر ، ومن الواضح ان ثبوت خبرية خبر الصدوق الّذي يخبر عنه الحر انما هو بنفس الحجية ووجوب التصديق ، فيمتنع ان يثبت له الحجية ، إذ يلزم إثبات الحكم لموضوعه ، وهو محال لأن الحكم يتفرع على موضوعه فيستحيل ان يتكفل إثباته.
وهذا الإشكال وسابقه يشتركان في جهة ويختلفان في جهة ، فيشتركان في انهما يتأتيان معا بالنسبة إلى الاخبار المتوسطة بين الخبر الواصل إلينا والخبر المتصل بالإمام عليهالسلام. ويختلفان في ان الأول يتأتى في الخبر الواصل إلينا كما عرفت ، ولا يتأتى في الخبر المتصل بالمعصوم عليهالسلام ، لأن المخبر به فيه هو الحكم الشرعي غير الحجية فيصح التعبد به بلحاظه ، وفي ان الثاني لا يتأتى في الخبر الواصل إلينا لأنه وأصل إلينا وجدانا لا بواسطة الحجية ، ويتأتى في الخبر الأخير المتصل بالمعصوم عليهالسلام لأن خبريته بنفس الحكم بالحجية فلو كان حكمه هو الحجية لزم إثبات الحكم لموضوعه وهو محال.
والجواب عن هذا الوجه من الإشكال بأمرين :
أحدهما : ان كل خبر له فرد من الحكم غير ما لغيره ، على ما عرفت