بالتصرف في موضوعه وهو الشرط ، فلا ثبوت للمفهوم بملاحظة العلة ، فلا تصل النوبة إلى التخصيص.
نعم لو كانت العلة في كلام منفصل أمكنت الدعوى المزبورة. ولكن الأمر ليس كذلك إذ العلة متصلة بالكلام.
وقد أجيب عن هذا الإشكال بوجوه نذكر وجهين منها لكونها المهم منها :
الوجه الأول : ان المراد بالجهالة ليس الجهل وعدم العلم ، بل السفاهة وعدم كون العمل عقلائيا ومما يجري عليه العقلاء في أمورهم.
وعليه ، فلا تعم العلة العمل بخبر العادل ، إذ ليس العمل بخبر العادل سفهيا وغير عقلائي ، فلا يتغير الشرط عن كونه مجيء الفاسق بالنبإ ، فيثبت المفهوم المدعى.
أقول لم يرد في اللغة تفسير الجهالة بالسفاهة. نعم تستعمل عرفا في العمل الصادر عن عدم روية وبصيرة والتثبت الّذي هو من شئون الجهال المتسرعين في أمورهم وغير الجارين فيها مجرى العقلاء من التبصر والتروي في الأمور ، فهي تستعمل بما يلازم السفاهة ـ ويعبر بالفارسية : « كار جاهلانه » ويقابله : « كار عاقلانه » ـ.
ومما يشهد لإرادة هذا المعنى من الجهالة في الآية الكريمة دون مطلق عدم العلم ، هو : ان اقدام المسلمين على محاربة من أخبر الوليد ( لعنه الله ) بكفرهم لم يكن مع الترديد والتشكيك في ردتهم وإلاّ لتوقفوا في حربهم ، بل كانوا واثقين من ذلك بسبب اخبار الوليد ( لعنه الله ) ، بسبب غفلتهم وبساطتهم بحيث كانوا يصدقون كل أحد بمجرد كونه مسلما أو نحو ذلك ، ففي الآية تنبيه على هذا المعنى وانه ينبغي التروي والتبصر في الأمور وعدم الإقدام على ما لا ينبغي ان يقدم عليه العقلاء في أمورهم ، وهو الاعتماد على خبر الفاسق المتهم بالكذب في اخباره.