الأحكام المطلقة التي لا طريق إلى العلم بها ، فنفي الرجوع إلى البراءة ليس من باب لزوم تعطيل الدين كي ينفي ذلك مع فرض انفتاح باب العلم في غالب الأحكام ، بل من باب لزوم اللغوية في جعل الحكم المطلق وهو محذور ثابت ولو فرض انفتاح باب العلم. ومن هنا تعرف عدم ارتباط جواب الكفاية بالوجه الأول وهو المعبر عنه بالانسداد الصغير.
الآخر : ان انسداد باب العلم بتفاصيل الأوضاع يستلزم انسداد باب العلم بغالب الأحكام لأن غالب الأحكام مبين بطريق اللفظ.
وعليه ، فتجري مقدمات الانسداد في الأحكام ويثبت حجية كل ظن ومنها قول اللغوي. ومن هنا تعرف عدم ارتباط جواب الكفاية به ، إذ لا معنى لقوله بأنه مع فرض انسداد باب العلم في الأحكام كان الظن الحاصل من قول اللغوي حجة ولو فرض انفتاح باب العلم باللغات. لأن المفروض ان انسداد باب العلم بالاحكام منشؤه انسداد باب العلم باللغات ، فلا معنى لفرض انفتاح باب العلم بها.
والتحقيق في الإشكال عن كلا الوجهين هو : انهما لا ينتهيان إلى حجية قول اللغوي ، إذ ليس المتعارف بيان اللغوي مقدار مفهوم اللفظ سعة وضيقا وبنحو الدّقة حتى يحصل الظن من قوله بتفاصيل المعاني ، فما ينسد فيه باب العلم لا تعرض للغوي فيه ، فلا يوقع الكلام في ان الصعيد ـ مثلا ـ على أي شيء يصدق؟. فتدبر.
ونتيجة البحث : انه لا دليل لدينا على اعتبار قول اللغوي. ولكن هذا الأمر لا يوجب لغوية الرجوع إلى كتب اللغة ، إذ قد يحصل القطع بالموضوع له منها أحيانا ، كما قد يحصل معرفة ظهور الكلام في معنى ـ وان لم يعرف انه حقيقة أو مجاز فيه ـ بملاحظة بعض القرائن والخصوصيات ، ومثل ذلك يكفي فائدة للرجوع إلى كتب اللغة. وهذا مما ذكره في الكفاية في آخر بحثه المزبور.