الوثوق ـ : بان قول أهل الخبرة يتوقف على إعمال الحدس والنّظر ، فلا يشتمل ما يبتني على الحس ، وبما ان اللغوي شأنه ضبط موارد الاستعمال وهي غير متوقفة على الحدس بل تتوقف على الحس لم يكن من أهل الخبرة. نعم تشخيص الموضوع له يحتاج إلى إعمال نظر وحدس لكنه ليس شأن اللغوي.

ولا يخفى ان ما ذكره موافقا لصاحب الكفاية من اختصاص حجية قول أهل الخبرة بمورد الوثوق يستلزم عدم فرض خصوصية لقول اللغوي ، بل المدار على الاطمئنان الّذي عرفت انه حجة بلا كلام ، بل تقدم (١) ان حجيته بملاك حجية القطع والجزم ، كما ان الإيراد الصغروي بالنحو الّذي ذكره لا حاجة له حينئذ ، إذ لا أثر له بعد فرض اختصاص الحجية بمورد الاطمئنان والوثوق.

مع انه يرد عليه ما عرفت من : انه قد يذكر اللغوي معنى واحدا فيثبت الوضع له قهرا ، وان لم ينظر له اللغوي في كلامه إذا كان نظره حصر موارد الاستعمال فيما يذكره.

ثم انه قدس‌سره ذكر في ضمن جوابه عن الوجه المزبور : ان الرجوع إلى قول أهل الخبرة لا يعتبر فيه شرائط الشهادة من العدد والعدالة الا في موارد فصل الخصومات والدعاوي ، لما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قوله : « انما أقضي بينكم بالايمان والبينات » (٢).

وهذا انما لو فرض ان البينة في العرف واللغة بالمعنى الاصطلاحي للفقهاء ، وهو قابل للتشكيك ، إذ من المحتمل ان يراد بالبينة في العرف واللغة كل ما يتكفل البيان ، واعتباره في القضاء في قبال الاعتماد على القناعة الشخصية للقاضي الناشئة عن جهات حدسية خاصة به ، فيصير المراد ان القضاء لا بد ان

__________________

(١) راجع ٤ ـ ١٨٦ من هذا الكتاب.

(٢) وسائل الشيعة ١٨ ـ ١٦٩ باب : ٢ من أبواب كيفية الحكم ، الحديث : ١.

۵۵۹۱