سائر موارد عدم قصد التفهيم ، فلا يكون التمسك بالظواهر في موارد الإقرارات منافيا لعدم حجية الظاهر في سائر الموارد التي يتأتى فيها احتمال وجود القرينة الخفية الّذي لا يمكن دفعه كما عرفت بيانه.
وبعبارة أخرى : ان الملاك الّذي أنكرنا به حجية الظاهر لغير المقصود بالإفهام لا يعم صورة الإقرار. وهذا لا يقتضي إنكار التفصيل بالمرة.
وعليه ، فالتفصيل متين كما عرفت. إلاّ ان الغرض منه ـ وهو إنكار حجية ظواهر الاخبار بالنسبة إلينا لعدم كوننا مقصودين بالإفهام ، بناء على اختصاص الخطابات بالمشافهين ـ لا يترتب عليه ، لما تقدم من تقريب حجية ظاهر خبر الواسطة عند مناقشتنا للشيخ في توجيهه التفصيل المذكور. فلاحظ.
هذا كله فيما يرتبط بما ذهب إليه المحقق القمي رحمهالله.
واما ما ذهب إليه جمهور الأخباريين من عدم حجية ظواهر الكتاب ، فقد ذكر له في الكفاية وجوها خمسة :
الأول : ما ورد من النصوص الدالة على ان القرآن لا يعرفه إلاّ أهله ومن خوطب به ، وهم النبي والأئمة ( عليهم أفضل الصلاة والسلام ) (١).
الثاني : ان القرآن يحتوي على مطالب عالية شامخة ومضامين غامضة ، فلا يستطيع ان يفهمه كل أحد ، فان فيه علم كل شيء. ولا يستطيع كل أحد ان يصل بفكره إلى ما اشتمل عليه القرآن.
الثالث : ان الظاهر من المتشابه الممنوع عن اتباعه ، ولا أقل من احتمال ذلك ، فانه يكفي في منع العمل بالظاهر.
الرابع : انه وان لم يكن من المتشابه ذاتا ، لكنه منه عرضا للعلم الإجمالي بطرو التخصيص والتقييد والتجوز في غير واحد من ظواهره. وعليه فلا يمكن
__________________
(١) الروضة من الكافي ـ ٣١١ ، الحديث : ٤٨٥.