منكشف لديه الواقع وهو شاك متردد.
ولعل هذا البيان هو الّذي دعا المحقق النائيني إلى اختياره.
ولكن التحقيق : ان النوبة لا تصل إلى دوران الأمر بين هذين الوجهين ، بل الظاهر من الأدلة كون المجعول هو المتيقن ان كان المستصحب حكما ، وحكمه ان كان موضوعا كما عليه الشيخ وصاحب الكفاية ( قدس الله سرهما ) (١). ويشهد لذلك.
مضافا إلى التردد في ترتب الأثر العقلائي على اليقين الاعتباري واحتمال اختصاصه بالوصول الحقيقي.
وإلى ان جواز الإسناد والاستناد لا يترتب على جعل اليقين بكلا نحويه ، كما هو واضح خصوصا على النحو الثاني ، مع فرض ان ترتبهما على الاستصحاب من المسلمات الفقهية والمرتكزات عند المتشرعة كترتيبهما على الأمارات.
مضافا إلى هذين الأمرين ، مفاد دليل الاستصحاب نفسه ، وبيان ذلك : ان ما يتكفل عدم نقض اليقين بالشك من أدلة الاستصحاب بلسان الإنشاء (٢) لا يمكن ان يراد به النهي عن النقض الحقيقي لليقين ولا المتيقن ، إذ اليقين المفروض هو اليقين بالحدوث وهو ثابت لا انتقاض له ، وبلحاظ البقاء منتقض حقيقة لفرض حصول الشك فلا معنى للنهي عن عدم نقضه.
واما المتيقن فان كان حكما ، فهو من افعال المولى الاختيارية وليس هو
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٩٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣٦ ـ الطبعة الأولى.
(٢) تخصيص الكلام بما كان لسانه الإنشاء من جهة ان ما يكون لسانه الإخبار لا يتردد بين احتمالين ، لتوجه النقض إلى نفس اليقين. بخلاف الإنشاء ، فانه حيث يمتنع حمله على ظاهره ، وانما يكون كفاية عن الإبقاء العملي ، وهو أعم من إبقاء المتيقن أو نفس اليقين. كان للتردد بين الاحتمالين فيه مجال واسع.
هكذا أفاد سيدنا الأستاذ ( دام ظله ) في بيان ذلك فافهم. ( منه عفي عنه ).