وقد يستدل على جعل الطريقية : بان الأمارات الشرعية إمضائية وليست مجعولة بالاستقلال والعقلاء يرون خبر الثقة ـ مثلا ـ طريقا ، فلا بد ان يكون المجعول الشرعي ذلك أيضا.
كما قد يستدل عليه بقوله عليهالسلام : « العمري وابنه ثقتان فما أديا عني فعني يؤديان » (١). وبقوله عليهالسلام : « لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقات شيعتنا » (٢). فان نفي التشكيك يرجع إلى جعل العلم والوصول.
وفي جميع ذلك نظر ..
اما دعوى بناء العقلاء على الطريقية. فيدفعها : ان الرؤية لها معنيان : أحدهم : الانكشاف والعلم. والآخر : البناء العملي والاعتبار.
والعقلاء يرون خبر الثقة طريقا بالمعنى الأول للرؤية ، إذ يحصل لهم الاطمئنان بخبر الثقة والظواهر غالبا على ما عرفت ، لا بمعنى انهم يعتبرون طريقيتها ويبنون عليها مع عدم ثبوتها واقعا.
وعليه : فلا يقاس عليه ما لا طريقية له بنظر العقلاء ولا يحصل به الاطمئنان كخبر الثقة في الأحكام بالنسبة إلينا لتعدد الوسائط وبعد الزمن وعدم الاطمئنان بتوثيق رجال السند ، وانما يعمل به من باب قيام البينة على الوثاقة.
وبالجملة : لم يثبت اعتبار الطريقية من العقلاء. وانما الثابت ثبوت الطريقية الواقعية لبعض الأمارات وهي غير متحققة لدينا فتدبر.
واما الرواية الأولى ، فلا دلالة لها على جعل الطريقية ، بل هي ظاهرة في
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ ـ ١٠٠ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٤.
(٢) وسائل الشيعة ١٨ ـ ١٠٨ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٤٠.