وثانيا : ان الأمارات المعتبرة ليست معتبرة ابتداء ، بل اعتبرت إمضاء لسيرة العقلاء ، فلا يلزم من الشارع تفويت بعد ان كانت السيرة العقلائية على العمل بهذه الأمارات كالظهور وخبر الواحد.

نعم لو تنزلنا عن ذلك كله فلا بأس بالالتزام بالمصلحة السلوكية التي يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة (١).

ولا يخلو ما أفاده من إشكال ، لحصره موضوع البحث في التعبد بالأمارات على الأحكام ، مع ان البحث يعم مطلق موارد جعل الحكم الظاهري ، وبعضها لا يتأتى فيه ما ذكره من كونها أقرب من الطرق العلمية أو انها أحكام إمضائية. وذلك كبعض الأمارات القائمة على الموضوع ـ على الخلاف فيها من كونها إمارة أو أصلا ـ كقاعدة التجاوز أو الفراغ ، فانه أي سيرة عقلائية عليها وأي أقربية لها للواقع من طرق العلم؟! ، وكأصالة الصحة في عمل الغير وكموارد الأصول الجارية في الشبهات الموضوعية التي لا يشملها القول بالتصويب ، لأن التصويب انما يلتزم به في الشبهات الحكمية لا الموضوعية ، فيقع في اشكالها القائل بالتصويب أيضا.

نعم الأصول الحكمية لا إشكال فيها ، لأنها انما تجري بعد الفحص واليأس عن الدليل فلا يتصور فيها انفتاح باب العلم ، بخلاف الأصول الموضوعية ، إذ لا يجب في إجرائها الفحص ، بل هي تجري حتى مع التمكن من تحصيل العلم.

ولا معنى لأن يقال : ان الأصل أقرب إلى الواقع من الطرق العلمية ، أو يقال انه حكم إمضائي.

وبالجملة : فما أفاده قدس‌سره لا يحلّ الإشكال في مطلق الموارد. وعليه

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٩٠ ـ ٩٤ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۵۵۹۱