متأخرا عن الحكم الواقعي بمرتبتين.

وردّه في الكفاية : بان الحكم الظاهري وان لم يكن في تمام مراتب الحكم الواقعي إلاّ ان الحكم الواقعي ثابت في مرتبة الحكم الظاهري لشموله لحال الجهل ، فيجتمع الحكمان المتنافيان (١).

أقول : اكتفي صاحب الكفاية في نقل هذا الوجه والإشكال عليه بهذا المقدار.

وتحقيق الحال فيه يستدعى التعرض إلى بيان ما يصلح تقريبا له والنّظر فيه ، وهو وجوه متعددة :

الوجه الأول : ما يمكن ان يستفاد من كلام المحقق الأصفهاني قدس‌سره وتوضيحه : ان الأحكام لا تنافي بينهما من حيث أنفسهما وانما التنافي من حيث المبدأ وهو الكراهة والإرادة والمنتهى وهو مقام الامتثال ، وقد التزم قدس‌سره بعدم انقداح الإرادة في الأحكام الشرعية ، بلحاظ ان الشوق نحو الفعل انما ينقدح فيما إذا كان في الفعل مصلحة تعود على المشتاق نفسه ، والأمر ليس كذلك في موارد الأحكام ، إذ المصلحة في الفعل تعود على المكلّف ـ بالفتح لا المكلف ـ بالكسر ـ وعليه ، فينحصر محذور تضاد الحكمين من جهة المنتهى ، فان الحرمة والوجوب يتضادان في مقام التحريك ، إذ أحدهما يدعو إلى الفعل والآخر يزجر عنه أو يدعو إلى الترك.

وهذا المحذور مفقود فيما نحن فيه. لأن الحكم الظاهري لما كان ثابتا في مورد الجهل بالحكم الواقعي لم يكن منافيا له في مقام الامتثال ، لأن الحكم انما هو إنشاء ما يمكن ان يكون داعيا ، وإمكان الداعوية لا يثبت إلاّ بالوصول ، وإلاّ فالإنشاء بنفسه بدون الوصول لا يترتب عليه إمكان الداعوية.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٧٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۵۹۱