لوجوه الجمع المتكفلة لدفع محذور اجتماع الضدين أو المثلين ـ ونتكلم فيما أفاده الشيخ قدس‌سره من الالتزام بالمصلحة السلوكية. فانتظر.

الوجه الثاني : انه لو التزم بوجود حكم ظاهري تكليفي في موارد الأمارات اما بدعوى استتباع جعل الحجية لذلك أو بدعوى انه لا معنى لجعل الحجية إلاّ جعل الحكم التكليفي ، بمعنى انها منتزعة عن الحكم التكليفي الظاهري ، فلا محذور أيضا وان اجتمع الحكمان ، وذلك لأن الحكم الظاهري حكم طريقي ، بمعنى انه ناشئ عن مصلحة في نفسه أوجبت إنشاءه المستلزم للتنجيز والتعذير. والحكم الواقعي حكم فعلي ناشئ عن مصلحة في متعلقه.

وعليه فلا يلزم اجتماع الضدين ، لأن تضاد الحكمين من جهة تضاد مبدئهما وهو الإرادة والكراهة والمصلحة والمفسدة ، والمفروض ان ما فيه المصلحة في الحكم الظاهري نفس الحكم لا المتعلق الّذي فيه المفسدة الموجبة للحكم الواقعي ، فمركز المصلحة والمفسدة مختلف وباختلافه يختلف متعلق الإرادة والكراهة ، إذ هما يتبعان المصلحة والمفسدة ، فلا تتعلق الإرادة بمتعلق الحكم الظاهري ، بل بنفس الحكم لأنه مركز المصلحة.

واما نفس الحكمين بما هما إنشاءان مع قطع النّظر عن مبدئهما فلا تضاد ولا تماثل بينهما ، فان الإنشاء خفيف المئونة كما قيل. وقد أشار قدس‌سره إلى حديث تحقق الإرادة من المبدأ الأعلى ونفي تحققها ، وان الموجود في نفس المبدأ الأعلى ليس إلاّ العلم بالمصلحة والمفسدة ، وان الإرادة انما تتحقق في النّفس النبوية أو الولويّة حين يوحى الحكم الشأني إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو يلهم به الولي ، وهو حديث خارج عما نحن بصدده نوكله إلى أهله في محله.

الوجه الثالث : الالتزام بعدم كون الواقع فعليا تام الفعلية ومن جميع الجهات.

ببيان : ان الحكم الفعلي هو الحكم الواصل إلى مرحلة البعث والزجر ،

۵۵۹۱