الإشكال ليس صدور الفعل عن داع لغوي ، بل صدوره عن غير داع إلهي يخل بالمقربية المعتبرة في العبادة.

وهاهنا توهمات لا بد من ذكرها وتفنيدها ليتضح المطلب كاملا :

الأول : دعوى إمكان الإتيان بالعمل بداعي الموافقة الاحتمالية ، فانها تترتب بالوجدان على العمل وليست سابقة عليه ، إذ قبل الإتيان بكل من الفعلين يعلم بعدم تحقق الموافقة ، ومع إتيان أحدهما تتحقق الموافقة احتمالا ويزول العلم بالعدم.

وبالجملة : ترتب الإتيان بالموافق احتمالا على إتيان كل من العملين مما لا ينكر ، فيمكن الإتيان بكل منهما بهذا الداعي ويتحقق التقرب لأنه من مصاديق الانقياد.

ويندفع هذا التوهم : بان الداعي على ما عرفت ما تكون نسبته إلى الفعل نسبة المسبب إلى السبب ، لأنه ما يترتب على الفعل ويتحقق به ، وعليه فما يكون نسبته إلى الفعل نسبة العنوان إلى المعنون أو الطبيعي إلى فرده لا يصلح ان يكون داعيا للفعل ، إذ لا يترتب على الفعل ، بل وجوده بنفس وجود الفعل.

نعم قد يطلق عليه الداعي مسامحة بلحاظ انه معرف للداعي الحقيقي الّذي يكون مسببا عن العمل ، فإكرام زيد الّذي يكون جارا له لا يصلح ان يكون بداعي إكرام جاره لاتحاد وجود إكرام الجار مع وجود إكرام زيد ، ولكنه يعتبر بأنه أكرم زيدا بداعي إكرام جاره ، وهو تعبير مسامحي يلحظ فيه ما يترتب على إكرام الجار من فوائد.

وما نحن فيه من هذا القبيل ، فان إتيان الموافق احتمالا متحد مع المأتي به اتحاد الطبيعي وفرده ، فلا يصلح ان يكون داعيا ، إذ ليس هو مما يترتب عليه وتكون نسبته إليه نسبة المسبب إلى السبب.

فان قلت : ان التعظيم من عناوين الفعل ، ولذا يقال للقيام مثلا انه

۵۵۹۱