كما ان من الغريب جدا إغفال المحقق العراقي لمناقشة صاحب الكفاية ، واكتفائه في تقريب منجزية العلم الإجمالي بنحو العلية التامة ، بان الوجدان يقتضي بمناقضة العلم الإجمالي لجريان الأصول في أطرافه وقبح الترخيص في مخالفته ، وهو امر مرتكز يكشف عن العلية التامة للتنجيز بالنسبة إلى العلم الإجمالي (١).
وأنت خبير بان هذا المقدار لا ينفي كلام الكفاية الّذي يرجع إلى نفى فعلية الحكم المعلوم بالإجمال ، وبه ترتفع المناقضة وقبح المخالفة كما قربه في مبحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.
كما يؤاخذ المحقق الأصفهاني على ترديده في مراد صاحب الكفاية من انحفاظ مرتبة الحكم الظاهري بين احتمالات أربعة :
أحدها : ان يراد ان حكم العقل تعليقي معلق على عدم المؤمّن في الأطراف ، فمع ثبوته يرتفع موضوع حكم العقل.
ثانيها : ان يراد تقييد الحكم الواقعي بالعلم التفصيليّ.
ثالثها : ان يراد ان غرض المولى من متعلق التكليف بنحو لو وصل من باب الاتفاق كان منجزا على المكلف
ولزم عليه تحصيله ، فلا ينافيه جعل الحكم الظاهري وفواته به.
وهذا ينشأ عن كون أحد الإشكالات في جعل الحكم الظاهري هو منافاته لغرض المولى الملزوم لتفويته به ، فيلزم من جعله نقض الغرض. فيجاب : انه انما يلزم نقض الغرض لو كان ملزما بحد يبعث المولى إلى إيصاله إلى المكلف ولو بجعل الاحتياط. اما لو كان بحد لو وصل من باب الاتفاق لتنجز وكان على المكلف تحصيله فلا يكون جعل الحكم الظاهري مع عدم وصوله اتفاقا نقضا
__________________
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٤٦ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.