بوجه ، فلا يمكن تصوير تعارض حقيقي لا بين نفس الوارد والمورود ولا بين دليل حجية الوارد والدليل المورود ولا بين حجية الوارد ودليل حجية المورود.
الرابع : أن الورود لا يحتاج إلى الناظرية بخلاف ما سيأتي في الحكومة إن شاء الله تعالى ، ويتفرع على ذلك أمران.
أ ـ أنه عند تعدد الآثار لموضوع الحكم في الدليل المورود لا نحتاج لإثبات جميع الآثار إلى إطلاق دليل الوارد ، فإن الحاجة إلى الإطلاق فرع الحاجة إلى النّظر ، فإذا كان الوارد إنما يثبت الموضوع تكويناً وحقيقة بلا حاجة إلى النّظر فلا محالة يترتب عليه جميع آثاره ولا حاجة للإطلاق.
ب ـ أنه لا يمكن تخيل اشتراط تأخر زمان الوارد عن زمان المورود ـ كما توهم ذلك في الدليل الحاكم ـ فإن الوارد ليس كالحاكم محتاجاً إلى النّظر إلى المورود حتى يتوهم أن النّظر إليه فرع ثبوته سابقاً عليه مثلا.
الخامس ـ إن الورود لا يحتاج إلى لسان لفظي ، لأنه ليس تصرفاً في الألفاظ من قبيل الحكومة التنزيلية وإنما هو تصرف معنوي حقيقي في ركن من أركان الدليل المورود ، وهو الموضوع ، وذلك يكون حتى في فرض عدم وجود لسان لفظي للدليل الوارد. وهذا بخلاف الحكومة التنزيلية كما سوف يتبين ذلك بوضوح عند دراسة نظرية الحكومة إن شاء الله تعالى.
السادس ـ انه إذا شك في الوارد لا يمكن التمسك بالمورود ، من دون فرق بين الشك في أصل الورود أو في حجمه وسعته بنحو الشبهة المفهومية أو بنحو الشبهة المصداقية ، ومن دون فرق بين الشك في الوارد المتصل أو الوارد المنفصل. فالتفصيلات التي تذكر في التمسك بالعامّ عند الشك في المخصّص بلحاظ كون المخصّص متصلاً أو منفصلاً أو كون الشك بنحو الشبهة المفهومية أو المصداقية إلى غير ذلك ، لا تأتي هنا ، لأن احتمال الوارد مساوق لاحتمال انتفاء موضوع المورود ، فيكون التمسك بالمورود تمسكاً بالعامّ في الشبهة المصداقية لموضوع العام. نعم ، قد يحرز موضوع العام بالاستصحاب إذا لم تكن الشبهة مفهومية.