ومثاله ما لو فرضنا أن كلاً من دليلي وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر مقيد بعدم الآخر كذلك. وفي ذلك لا يمكن أن يصبح شيء من الحكمين فعلياً إذا بقينا وهذين الدليلين ، لعدم توفر الشرط المذكور في شيء منهما. نعم لو علمنا من الخارج بوجوب أحدهما تعييناً أو تخييراً كان ذلك الحكم المعين أو أحدهما المخير فعلياً ، وكذا لو علمنا بوجوب أحدهما إجمالاً ، فإنه يكون مورداً لقوانين العلم الإجمالي.

الثالث ـ أن يكون الدليلان متكفلين لحكمين مقيدين بالعدم الفعلي للآخر ـ لا العدم اللولائي للآخر ـ إلاّ أنه لا يكون مقيداً بعدم المخالف مطلقاً ، بل يكون كل منهما مقيداً بعدم حكم يمتاز ذلك الحكم على الحكم الأول في أنه ليس مقيداً بقيد من قبيل قيد الأول الّذي يقتضي محكوميته للأول بل يكون هو الحاكم على الأول. وحينئذ يكون مقتضى دليل كل منهما وجوبه ولا يتقدم أحدهما على الآخر ، لأن المفروض أن ما قيد بعدمه كل واحد منهما هو حكم يفرض امتيازه عليه وليس في شيء من الحكمين امتياز كذلك فلا يوجد حاكم في المقام ، فيقع التعارض بينهما أو التزاحم.

الرابع ـ أن يكون الدليلان متكفلين لحكمين أخذ في أحدهما العدم اللولائي للآخر ، كما في الصورة الثانية ، وفي الثاني عدم الآخر بالنحو الّذي مضى في الصورة الثالثة ، كما لو فرض أن وجوب النذر مشروط بالعدم اللولائي لما يزاحمه. ووجوب الحج مشروط بعدم حكم آخر مخالف له يمتاز بأنه ليس مقيداً بقيد من قبيل قيد الأول حتى يمنعه عن التقدم. وحينئذ يتقدم هذا الحكم ـ الأقل قيداً ـ على ذاك الحكم المقيد بالعدم اللولائي بالورود.

وهذا هو أحد الوجوه الفنية لتقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر ، حيث يقال : إن وجوب الوفاء بالنذر مقيد بأن لا يجب ما يزاحمه ولو كان وجوباً ثابتاً لو لا النذر. ولا إشكال في أن الحج واجب لو لا النذر ،

۴۲۷۱