الحكمة (١). وهذا الكلام قد ذكره السيد الأستاذ في عدة مواضع.
ونحن نحتمل في تفسيره أحد وجوه تقدمت الإشارة إليها وكلها مما لا يمكن المساعدة عليه في المقام.
الأول ـ أن يكون المقصود أن الإطلاق إنما يستفاد من السكوت وعدم ذكر القيد ، والحديث عبارة عن الكلام فلا يصدق على السكوت.
وفيه : أولا : أن مقتضى الجمود على كلمة الحديث وإن كان هو الاقتصار على الكلام اللفظي ، إلاّ أن المتفاهم عرفاً وبحسب مناسبات الحكم والموضوع أن موضوع أحكام العلاج كل سنّتين متعارضتين ، سواء كانا كلامين أو فعلين أو تقريرين ، ولذلك لا نستشكل في تطبيق المرجحات على خبرين متعارضين نقلا عن المعصوم فعلين متنافيين في الكشف عن الحكم الشرعي ، فإذا فرض شمول أخبار العلاج للتعارض بنحو العموم من وجه الّذي يكون فيه التعارض بين جزء مدلولي الحديثين ، فلا فرق بين أن تكون الدلالة سكوتية أو لفظية أو مختلفة.
وثانياً ـ أن مقدمات الحكمة والتي من جملتها السكوت عن القيد حيثية تعليلية عرفاً لإيجاد الدلالة والظهور في الكلام ، فيكون الإطلاق مدلولاً للفظ عرفاً وليس أمراً سكوتياً بحتاً.
وثالثاً ـ لو أريد إعمال هذا النحو من التدقيق لأمكن إسراء الإشكال إلى العموم الوضعي أيضا ، باعتبار أن المدلول التصوري فيه وإن كان لفظاً ، إلاّ أن المدلول التصديقي الّذي بلحاظه يكون التعارض بين الدليلين ليس لفظاً وإنما يقتنص من سكوته عن التخصيص المتصل.
الثاني ـ أن يكون المقصود أن الإطلاق ليس ظهوراً مستفاداً من كلام المعصوم ٧ أو سكوته بل بحكم العقل ، والترجيح إنما يكون لأحد الحديثين
__________________
(١) مباني الاستنباط الجزء الرابع ، ص ٥٠٣.