منصبين على موضوع واحد مع أن ظاهر هما ذلك ، فهذا من قبيل أن يقول الإمام في الجواب عن المتعارضين ( خذ بأشهر الحديثين المتساويين في صفات الراويين لهما ، قال : فإن كانا متساويين في الشهرة قال : خذ بقول أصدقهما ) فالترتيب العكسي ليس محذوره مجرد تقييد الإطلاق بل إضافة إلى ذلك يلزم ورود الكلامين على موضوعين وهذه مخالفة لظهور أقوى من الإطلاق. وإن شئت قلت : إن الكلام الثاني قرينة على أن موضوع كلامه الأول قابل لأن يفرض فيه أحدهما أصدق والآخر غير أصدق وهذا لا يلائم مع الترتيب العكسي ، فيقيد إطلاق كل من المرجحين المتعاكسين بهذا الظهور في دليل الترجيح الآخر وتثبت عرضيتهما في النتيجة.

لا يقال : بناء على العرضية أيضا يكون موضوع الحكم بالترجيح بالمزيّة الأولى مقيداً بعدم اتصاف معارضه بالمزية الثانية.

فإنه يقال : عند عرضية المرجحين يكون الموضوع ذات الخبرين فيكون الجوابان واردين على موضوع واحد ، والفرق هو أن المرجح الثاني بناء على الترتيب العكسي يرفع شأنية الترجيح بالمرجح الأول وأما بناء على العرضية فإنما لا يمكن فعلية الترجيح للتعارض وإلاّ فمقتضي الترجيح فيهما معاً تام.

المادة الثانية ـ الاختلاف بين المرفوعة والمقبولة في الصفات التي جعلت وجوهاً للترجيح في كل منهما. فالمقبولة تضمنت الترجيح بالأعدلية والأفقهية والأصدقية في الحديث والأورعية ، وإذا أرجعنا الأورعية إلى الأعدلية ـ لأن المراد من الأعدلية مزيد استقامة على جادة الشرع والالتزام بها ولا يراد من الأورعية غير ذلك ـ رجعت الصفات الترجيحية إلى ثلاث. وأما المرفوعة فقد اقتصر فيها على الترجيح بصفتي الأعدلية والأوثقية. فإذا كانت الصفات في المقبولة ترجيحاً لأحد الحكمين على الآخر لم يكن تعارض بينهما ، وإن كانت ترجيحاً لأحد الخبرين. فإذا استظهرنا من تعداد الصفات المذكورة المثالية فألغينا خصوصية ما ذكر منها وقلنا أن المقصود الترجيح بكل مزية

۴۲۷۱