الحَائطَةُ لِدِينِكَ وَأترُك الآخَرَ. قُلتُ : إنّهُمَا مَعاً مُوَافِقَانِ للاحتِيَاطِ أو مُخَالِفَانِ لَهُ فَكَيفَ أصنَعُ؟ فَقَالَ : إذَن فَتَخَيّر أحَدَهُمَا فَتَأخُذُ بِهِ وَدَع الآخَرَ ».
والبحث عن هاتين الروايتين يقع أولا حول سندهما ، وثانياً في تحديد مفادهما ، وثالثاً في العلاقة بينهما ، ورابعاً في علاقتهما برواية الراوندي المتقدمة وغيرها من روايات الترجيح ، فهنا أربع جهات.
أما الجهة الأولى ـ فلا إشكال في سقوط المرفوعة سنداً ، لما فيها من الرفع ، بل قالوا أن هذه الرواية لم توجد في كتب العلامة التي بأيدينا أصلاً. وأما المقبولة ، فقد يقال بسقوط سندها عن الحجية أيضا باعتبار عدم ورود توثيق بشأن عمر بن حنظلة وإن كان الأصحاب قد عملوا بمفادها فسميت بالمقبولة. غير أن الصحيح ـ بناء على القاعدة المختارة لنا في الرّجال من توثيق من ينقل عنه أحد الثلاثة ـ صحة سندها ، وذلك باعتبار ما وردَ في رواية ليزيد بن الخليفة أنه قال للإمام ٧ ( جاءنا عمر بن حنظلة بوقت عنك ) فأجاب ٧ : ( إذَن لا يَكذِبُ عَلَينَا ) (١) وهو ظاهر في أن عمر بن حنظلة كان ثقة بطبعه عند الإمام ٧ ، إلاّ أن يزيد ابن الخليفة نفسه ممن لا توجد شهادة بتوثيقه وإنما يمكن توثيقه بالقاعدة المذكورة ، حيث قد روى عنه صفوان بن يحيى ـ وهو أحد الثلاثة ـ بسند معتبر في باب كفارة الصوم من الكافي (٢) فنثبت بذلك وثاقته وبروايته نثبت وثاقة عمر بن حنظلة أيضا ، فالمقبولة صحيحة سنداً.
الجهة الثانية ـ في تحديد مفادهما ، ولا إشكال في أنهما دلتا على مرجحين زائداً على ما دلت عليه رواية الراوندي من المرجحات ، وهما الترجيح
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ـ ١٠ ـ من أبواب مواقيت الصلاة.
(٢) فروع الكافي ج ٤ باب كفارة الصوم ، ص ١٤٤.