جَاءَ حَدِيثُ عَن أوّلِكُم وَحَدِيثُ عَن آخِرِكُم بِأيّهِمَا نَأخُذُ؟ فقال : خُذُوا بِهِ حَتّى يَبلُغَكُم عَن الحَيّ فَإن بَلَغَكُم عَنِ الحَيّ فَخُذُوا بِقَولِهِ » (١).
فإن هذه الرواية قد لا يتجه في حقها احتمال اختصاصها بمعلومي الصدور ، لأنه قد عبر فيها بمجيء الحديث الّذي قد يدعى إطلاقه للأخبار الآحاد ، إلاّ أن الخصوصية الثانية واضحة في موردها. مضافاً إلى ضعف سندها.
والتحقيق أن هذه الطائفة ليست من أدلة الترجيح أصلاً بل مفادها أمر آخر. وتوضيح ذلك :
أن الحديث الأحدث المسموع من الإمام ٧ فيه ظهوران. أحدهما الظهور في كونه بصدد بيان الحكم الواقعي العام. والثاني ظهوره في بيان وظيفة السامع الفعلية التي قد تكون واقعية وقد تكون لظروف التقية ـ كما في قصّة علي بن يقطين مع الإمام موسى بن جعفر ٧ ـ والظاهر أن المقصود من الأخذ بالأحدث في هذه الروايات ملاحظة الظهور الثاني في حق السامع والتأكيد على لزوم اتباعه على كل حال ، لا ترجيح الأحدث بلحاظ ظهوره الأول الكاشف عن الحكم الواقعي العام. ومما يشهد لهذا الفهم ، مضافاً إلى كون الأحدثية لا تتضمن أية مناسبة عقلائية للترجيح في باب الحجية فمن المستبعد جداً افتراض دخلها شرعاً في هذا الباب ، التفات السائل لهذا الترجيح بنفسه حيث أجاب على سؤال الإمام بأنه يأخذ بالأحدث ، مما يعني أن هذا المعنى كان واضحاً مركوزاً لدى العرف ، وذلك لا يكون إلاّ بالاعتبار الّذي أوضحناه.
وأيضا مما يعزز هذا الفهم ، ما ورد في ذيل رواية الكناني ، من قوله ٧ « أبى الله إلا أن يعبد سراً ، أما والله لئن فعلتم ذلك انه لخير لي ولكم وأبى الله عز وجل لنا ولكم في دينه إلاّ التقية ». وهذا صريح في أن نظر الإمام ٧
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة ، ج ١ باب ـ ٦ ـ من أبواب المقدمات ، ص ٦٦.