كل زمان موقوف على حجية الخاصّ في ذلك الزمان ، فليس ورود الخاصّ في زمان معناه ارتفاع حجية العام إلى الأبد ، ولذلك يرجع العام حجة فيما إذا ورد عليه مخصص أو معارض بعد ذلك ، وعلى هذا الأساس يعرف : أن تخصيص العام في زمن ورود الخاصّ الثاني بالنسبة إلى كل من المخصصين موقوف على حجية ذلك المخصص في ذلك الزمان ، ولا تجدي حجيته في زمن أسبق ، ومن الواضح ، أن حجية كل واحد من المخصصين في زمان صدور الخاصّ الثاني في رتبة واحدة ، وإن كانت إحدى الحجيتين بقائية والأخرى حدوثية. فتخصيص العام بإحداهما قبل الأخرى ترجيح بلا مرجح.
ولو لا هذه النكتة للزم تأسيس فقه جديد بملاحظة الأدلة الشرعية المتعارضة وتحديد النسب والعلاقات فيما بينها.
النحو الثالث ـ ما إذا كانت النسبة بين الخاصّين العموم والخصوص المطلق ، وفي هذا النحو من التعارض ، تارة : يفرض ورود أخص المخصصين منفصلاً عن العام ، وأخرى : يفرض اتصاله به.
أما الفرض الأول ، فالحكم فيه هو تخصيص العام بكلا المخصصين ، سواء كان بينهما تناف أم لا وسواء قيل بانقلاب النسبة أم لا ، إذ لا وجه لملاحظة أحد المخصصين في مقام التخصيص قبل الآخر على ما تقدم شرحه.
وأما الفرض الثاني ، فتارة : لا يكون العام المخصص قد ورد في دليل آخر مجرداً من مخصصه المتصل ، وأخرى : يكون كذلك. ففي الحالة الأولى ، كما إذا ورد ـ أكرم كل شاعر ، ولا تكرم الكذاب منهم ـ وورد في دليل منفصل ـ لا يجب إكرام الشاعر الفاسق ـ لا بد من معاملة العام المخصص بالمتصل مع المخصص المنفصل معاملة العامين من وجه ، سواء قيل بانقلاب النسبة أم لا ، لأن العام لم ينعقد ظهوره في العموم من أول الأمر. لاتصال القرينة على التخصيص.
نعم ، لو فرض أن الخاصّ المتصل كان مخالفاً مع الخاصّ المنفصل كما