دل على ثبوت الحكم على فرد واحد مما ينطبق عليه من قبيل ( أكرم فقيراً ) وهو ما نصطلح عليه بالمطلق البدلي فهل يحكم بتقديم الأول على الأخير في مورد التعارض ـ وهو الفقير الفاسق ـ فيحرم إكرامه أم لا؟ نسب إلى الشيخ الأنصاري ـ قده ـ القول بالتقديم ، وخالف فيه المحقق الخراسانيّ ـ قده ـ مدعياً أن كلاهما بالإطلاق ومقدمات الحكمة التي قد تقتضي الشمولية وقد تقتضي البدلية وقد تقتضي غيرهما ، فلا موجب للتقديم (١).
وقد حاول المحقق النائيني ـ قده ـ توجيه ما اختاره الشيخ ـ قده ـ وتقريبه بوجوه أوجهها : أن تقييد الإطلاق الشمولي معناه رفع اليد عن جزء مدلول الخطاب ، لأن المطلق الشمولي منحل بحسب الحقيقة إلى دلالات عديدة بعدد أفراد الطبيعة المطلقة ، فتقديم المطلق البدلي عليه يستلزم رفع اليد عن بعض هذه الدلالات ، وهذا بخلاف العكس فإن مدلول المطلق البدلي إنما هو حكم واحد متعلق بصرف وجود الطبيعة المحفوظ حتى لو خرج بعض الأفراد عنه لأن صرف الوجود لا يقتضي ملاحظة كل فرد وإثبات الحكم عليه.
وقد ناقش السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ في هذه المحاولة من جهتين :
أولاهما ـ إن الميزان في تقديم دليل على آخر هو القرينية أو الأظهرية لا الاستحسانات والمناسبات ومجرد كون الإطلاق في أحد الدليلين شمولياً انحلالياً وفي الآخر بدلياً لا يتضمن قرينية الشمولي ولا أظهريته بعد أن كان كل منهما بالإطلاق ومقدمات الحكمة.
ثانيتهما ـ ان المطلق البدلي أيضا مستلزم لحكم شمولي ينحل على أفراد المطلق ، فإن الوجوب المستفاد من أكرم فقيراً وإن كان بدلياً ومتعلقاً بصرف وجود الطبيعة إلاّ أن لازمه الترخيص في تطبيق هذا الواجب على كل فرد من أفراد طبيعة الفقير ، وتقييد المطلق البدلي يلزم منه رفع اليد عن بعض هذه
__________________
(١) كفاية الأصول ج ١. ص ١٦٩ ( ط ـ مشكيني ).