فالمطلق وإن كانت دلالته تعليقية بخلاف العام إلاّ أن المعلّق عليه إنما هو عدم البيان المتصل بالمطلق لا مطلق عدم البيان ولو منفصلاً. فمع عدم اتصال البيان بالمطلق تنعقد دلالة فعلية له على حدّ دلالة العام فيكون من تعارض دلالتين فعليتين ناجزتين ، ولا مرجّح لأحدهما على الآخر ما لم يفترض ملاك آخر للترجيح ، وهو كما يحتمل تحققه في العام يحتمل تحققه في المطلق.

وجاءت بعد ذلك مدرسة المحقق النائيني ـ قده ـ لتؤكد صحة الاتجاه الّذي سلكه الشيخ ـ قده ـ من توقف المطلق على عدم البيان الأعم من المتصل والمنفصل ، بعد إجراء تعديل عليه.

وتوضيح ذلك : ان المسلك القائل بتوقف الإطلاق على عدم البيان الأعم من البيان المتصل والمنفصل يواجه إشكالاً عويصاً حاصله : أنه يستلزم عدم جواز التمسك بالإطلاق كلما شك في ثبوت الحكم لفرد أو حال مما يشمله الإطلاق ، لاحتمال وجود مقيّد منفصل لم يصل إلينا ، إذ الشك في ذلك يساوق ، الشك في ثبوت الإطلاق وعدمه ، والتمسك بالإطلاق ـ كالتمسك بكل ظهور ـ فرعُ إحراز أصل الظهور الإطلاقي في الدليل. وأصالة عدم القرينة على الخلاف إنما تجري فيما إذا كان ظهور في مقام الإثبات يقتضي إفادة معنى واحتمل ورود قرينة على خلافه ومرجعها لُبّاً إلى أصالة الظهور وعدم جواز رفع اليد عن كشفه النوعيّ لمجرد الاحتمال.

وهذه المشكلة حاولت مدرسة المحقق النائيني ـ قده ـ التغلب عليها ببيان يحفظ لها في نفس الوقت موقفها من نزاع الشيخ الأنصاري والمحقق الخراسانيّ ـ قدهما ـ وذلك بافتراض أن الإطلاق في كل زمان فرع عدم البيان إلى ذلك الزمان ، لا عدم البيان ولو متأخراً. فعند ما يتكلم المولى بالخطاب المطلق ولم ينصب قرينة على التقييد ينعقد بذلك ظهور فعلي على إرادة الإطلاق ، وهذا الظهور يبقى مستمراً ما دام لا قرينة على خلافه. فإذا جاءت القرينة ارتفع هذا الظهور من حينه لمجيء البيان الكاشف عن أن المراد الجدي للمولى

۴۲۷۱