في أحد الطرفين تعييناً ، ورابعة : نحتمل تعيّنه في كل من الطرفين. ففي الأول يثبت الترجيح ، وفي الثاني يثبت التخيير ، وفي الثالث والرابع يكون من موارد الدوران بين التعيين والتخيير في الحجية من طرف واحد أو كلا الطرفين ، وسوف يأتي البحث عن حكمه.

أقول : قد عرفت مما تقدم أنه في الفروض الثلاثة الأولى لسنا بحاجة إلى افتراض علم خارجي يدلنا على عدم التساقط ، بل كان يكفي دليل الحجية وحده لإثبات نفس النتائج المفترضة في التقادير الثلاثة ، فالحاجة إلى ضم دليل خارجي على عدم التساقط إنما تظهر في التقدير الأخير الّذي يبحث فيه عن مقتضى الأصل الثانوي ، وأنه التخيير أو التعيين.

وأيا ما كان ، فالذي علينا البحث عنه هنا هو التفتيش عن مقتضى الأصل الثانوي في موارد علم فيها بعدم التساقط المطلق وتردد الأمر بين تعيين الحجية في أحد الطرفين المتعارضين أو التخيير بينهما. وقد ذكروا : أن مقتضى الأصل التعيين.

والتحقيق : أنه تارة : يبحث مع افتراض عدم انحلال العلم الإجمالي الكبير بوجود تكاليف إلزامية في مجموع الشبهات ، وأخرى : يبحث مع افتراض انحلال هذا العلم بموارد حددت فيها تفصيلاً التكاليف بالوجدان أو التعبد بحيث لم يبق مانع من الانتهاء إلى الأصول العملية المؤمنة في غير دائرة ما علم تفصيلاً من الشبهات.

فعلى الفرضية الأولى. ـ إذا كان احتمال التعيين في أحد الدليلين المتعارضين فقط ، وفرض التزام الفقيه به كان حجة عليه لا محالة ، سواء كان دليلا إلزامياً أم ترخيصياً. وإذا فرض عدم الالتزام به وإنما التزم بالآخر ، أو لم يلتزم بشيء منهما ، أو كان احتمال التعيين في كل من الطرفين وارداً ، فالنتيجة في جميع هذه التقادير الثلاثة عدم ثبوت الحجية لأحدهما المعين ولزوم

۴۲۷۱