حاجة معه إلى جعل الحجية ، ولو فرض عدم إحراز ذلك لم تكن الحجية المذكورة إلاّ كالعلم بصدق أحدهما واقعاً غير مجد شيئاً ، بمعنى أنه غير منجز ولا يوفر غرض الحجية التخييرية للفقيه وهي تعيين الحجة في أحدهما والاستناد إليها ، وأما سائر الشرائط فهي متوفرة في هذا النحو أيضا.
والنحو الثالث ، وهو الحجية المشروطة بعدم الالتزام بالآخر ، يفقد الشرط الثالث من الشرائط المتقدمة إذ حجية كل منهما كذلك معارض بإطلاق حجية الآخر لفرض الالتزام بالأول ، كما أنه إذا أريد من الالتزام الموافقة الالتزامية فقدنا الشرط الأول أيضا ، لأنه في حال عدم الالتزام بشيء منهما سوف تثبت الحجيتان معاً فيقع التنافي بينهما.
والنحو الرابع ، وهو الحجية بشرط الالتزام به أيضا فاقد لبعض الشروط ، إذ لو أريد منه الالتزام العملي انتفى الشرط الأول والثاني والثالث جميعاً لأنه بالإمكان أن يعمل عملاً منسجماً مع كلا الدليلين فلو كان أحدهما يدل على عدم الوجوب والآخر ينفيه ، أمكنه العمل بكلا الدليلين لأن عدم الوجوب لا ينافي الإتيان بالفعل فتثبت الحجيتان معاً ويقع التنافي بينهما وهو خلف الشرط الأول ، كما أن أصل حجية دليل بشرط العمل به غير معقول ثبوتا لأنها لغو ، إذ الحجية تكون من أجل الإلزام بالعمل فإذا أنيطت بالعمل كان تحصيلاً للحاصل وهذا خلاف الشرط الثاني ، كما أن الحجية المشروطة بهذا النحو في أحدهما تعارض الحجية المطلقة في الآخر ، وهذا خلاف الشرط الثالث.
وأما لو أريد من الالتزام الموافقة الالتزامية ، فالشرط الثالث منثلم أيضا ، لأن الحجية كذلك في أحدهما يعارضها إطلاق حجية الآخر. وأما الشرطان الأول والثاني ، فإن أريد من الموافقة الالتزامية معنى لا يمكن حصوله في حق النقيضين معاً من دون أن يكون ذلك المعنى مساوقاً أو ملازماً