الخاصّ على العام ما لم تضف إليها مصادرة جديدة زائداً على المصادرات المتقدمة.
نعم ، تستثنى من تلك المحاولات المحاولة الثانية التي كانت تبتني على الرّأي القائل بأن أدوات العموم وضعت لعموم ما يراد من مدخوله ، بحيث كان لا بد من تحديد المراد في المرتبة السابقة بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، فإن هذه المحاولة لو ضممنا إليها الرّأي القائل بأن الإطلاق يتوقف على عدم البيان المتصل والمنفصل معاً كانت وافية لتخريج نظرية التخصيص المنفصل ، ولكنه قد تقدم في نظرية التقييد أن عدم البيان الّذي هو إحدى مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق يراد به عدم البيان المتصل بالخصوص.
كما أن المحاولة الثالثة القائلة بتقديم الخاصّ المتصل لكونه أظهر وأقوى دلالة لو أريد منها التقدم في الحجية مع انعقاد كلا الظهورين ذاتاً لجرت في المقام أيضا. وأما لو أريد منها تقدم مقتضى الظهور الأقوى على مقتضى الظهور الأضعف في مقام التأثير لإيجاد الظهور النهائيّ الكاشف عن المراد ـ كما هو المنسجم مع القاعدة المشهورة القائلة بأن المخصص المتصل يهدم أصل الظهور في العام والمخصص المنفصل يهدم حجية ـ فهذه نكتة مختصة بالمخصص المتصل ولا يمكن تعميمها إلى المخصص المنفصل من دون افتراض مصادرة إضافية.
والمصادرة الإضافية التي تحتاجها نظرية التخصيص بالمنفصل يمكن توضيحها بافتراض إحدى الحالات التالية.
الحالة الأولى ـ أن يكون المخصص رغم انفصاله عن العام بحسب السماع وتعاقب الألفاظ متصلاً به بحسب عالم اقتناص المراد وفهمه من الكلام ، من قبيل ما إذا أخذه السعال إلى فترة في أثناء كلامه أو غشي عليه ثم بعد ارتفاع السعال أو الغشوة أتم كلامه وذكر الخاصّ ، فإنه بحسب النظام العرفي في المحاورة