أن التنافي بين اقتضائي دليل الحجية يكون بنحو التضاد دائماً ، لأن حجية كل من المتعارضين أمر وجودي مضاد لحجية الآخر.
وأما الأمر الثاني الّذي يرتبط بمدرسة المحقق النائيني ـ قده ـ ففيما أفيد فيها بالنسبة إلى الحكومة يرد عليه.
أولا ـ ثبوت التنافي بين مدلولي الدليلين في موارد الحكومة بجميع أقسامه ، وما ذكره السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ من أن المحكوم لا نظر له إلى موضوعه فلا يتنافى مع مدلول الحاكم النافي لموضوع المحكوم ، سوف يأتي أنه غير تام. ومنه يعرف أن محاولة إرجاع التخصيص إلى الحكومة لو صحت فهي لا تجدي في رفع التنافي بين المدلولين أيضا.
ثانياً ـ أن عدم التنافي بين المدلولين في موارد الحكومة إن تم فإنما يتم في موارد الحكومة التي تتحقق بملاك رفع الدليل الحاكم لموضوع المحكوم ، وأما في موارد الحكومة المتحققة بملاك النّظر في الدليل الحاكم إلى عقد الحمل من الدليل المحكوم محضاً دون تصرف في موضوعه ، كما في حكومة ( لا ضرر ) على أدلة الأحكام الواقعية ، فلا يتم ما ذكر لنفي التعارض بين المدلولين ، لوضوح أن مفاد الحاكم والمحكوم في تلك الموارد ثابتان في عرض واحد ، فيتنافيان لانحفاظ الموضوع فيهما معاً مع تنافي محموليهما.
وفيما أفاده بالنسبة إلى التخصيص يرد عليه :
أن الكلام في وجود تناف بين المدلولين وعدمه إنما هو في مدلولي الدليلين الذين يتحقق الجمع العرفي بينهما ، فما هو محط الجمع العرفي هو محط البحث أيضا في تنافي المدلولين وعدمه ، وفي موارد التخصيص يوجد عندنا أنحاء ثلاثة من التقابل. أحدها : التقابل بين دليل الخاصّ ودليل حجية العام. الثاني : التقابل بين دليل حجية الخاصّ ودليل حجية العام. الثالث : التقابل بين نفس الدليل الخاصّ والدليل العام. أما التقابل الأول ، فلا تنافي فيه أصلاً ،