في أن مجرد إحراز أقوائية أحد الخطابين ملاكاً من الآخر هل يكون موجباً لترجيح دلالي جديد يجمع علي أساسه بين الخطابين أم لا.
ذهب صاحب الكفاية ـ قده ـ إلى الأول حيث قال : « فلا بد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بملاحظة مرجحات باب المزاحمة فتفطن » (١).
وكأن مقصوده : إن أقوائية أحد الخطابين ملاكاً تقتضي عرفاً أن يحمل الخطاب الأضعف ملاكاً على الحكم الفعلي إذ لا يحتمل العكس ، فيكون من حمل الظاهر علي النص. والصحيح أن هذا الجمع مما لا يمكن المساعدة عليه إذ لو أريد أعماله فيما إذا أحرز وجود الملاك الأقوى في مورد التعارض بالعلم الخارجي فقد عرفت مما سبق أنه في هذه الحالة يعلم بسقوط الخطاب الأضعف ملاكاً عن الحجية فترتفع المعارضة من البين. وإن أريد أعماله فيما إذا كان إحراز وجود الملاك الأقوى بنفس الخطاب ففي هذه الحالة وإن لم يكن يعلم بسقوط أحدهما إلاّ أن إعمال هذا الجمع مما لا يساعد عليه العرف سواء أريد من الحكم الاقتضائي مجرد ثبوت مقتضي الحكم ، بمعنى ثبوته الاقتضائي في مرتبة ثبوت مقتضية ، أو أريد ما هو أقرب إلى مفاد الهيئة وهو الحكم الحيثي الطبعي بمعنى أنه لو خلي وطبعه لكان فعلياً.
إذ لو أريد تطبيقه في موارد التزاحم الملاكي بين أصل الخطابين ـ كما في الضدين الذين لا ثالث لهما أو التعارض بنحو التباين ـ فمن الواضح أن حمل أحد الدليلين على الحكم الاقتضائي يكون طرحاً لذلك الدليل وإلغاء لمفاده عرفاً ، إذ ظاهر الدليل أنه يتكفل حكماً ينتهي إلى مقام العمل ولو في الجملة.
وإن أريد تطبيقه على مورد يكون التزاحم الملاكي فيه بين إطلاق الخطابين ـ كما في صل ولا تغصب ـ فيرد عليه : أن الدليل الأقوى ملاكاً وإن كان نصاً في الحكم الفعلي إلاّ أن شموله لمورد التزاحم يكون بالإطلاق ، وعلاج التعارض بين الإطلاقين كما يمكن أن يكون بحمل الحكم على بالاقتضائي كذلك
__________________
(١) كفاية الأصول ج ١ ، ص ٢٤٢ ( ط ـ مشكيني ).