وأما أهمية ملاك الحج ، فإن لم نقطع بها على ضوء ما ورد في الأحاديث الكثيرة من التأكيد على الحج واهتمام الشريعة به وجعله أحد أركان الدين حتى عبر عن تركه بالكفر في الآية الكريمة وجاء في وصف تاركه بأنه يموت نصرانياً أو يهودياً على ما في بعض الروايات ، فلا أقل من أن هذه المجموعة الضخمة من التأكيدات تستوجب انتفاء احتمال أهمية وجوب الوفاء في قبال احتمال أهمية وجوب الحج أو ضعفه على أسوأ التقادير ، وهو كاف في الترجيح بالأهمية كما تقدم.
التقريب الثاني : ترجيح وجوب الحج باعتبار كون القدرة فيه عقلية وفي وجوب الوفاء شرعية. أما الأول فلما تقدم في التقريب السابق. وأما الثاني فباعتبار ما ورد في لسان أدلة وجوب الوفاء بالشرط ونحوه من ( أنّ شَرطَ اللهِ قَبلَ شَرطِكُم ) (١) الظاهر في أن هذا الوجوب لا يزاحم وجوباً شرطه الله تعالى.
التقريب الثالث : إنه لو سلمنا وافترضنا أن القدرة في وجوب الحج شرعية أيضا ، بمعنى اشتراطه ملاكاً وخطاباً بعدم الاشتغال بواجب آخر مع ذلك نرجحه على وجوب الوفاء باعتبار كون القدرة الشرعية في وجوب الوفاء أخس من ذلك ، لأنها بمعنى عدم الأمر بالخلاف ، إذ الظاهر من اشتراط عدم مخالفة النذر لشرط الله تعالى أن لا يكون على خلافه إلزام من الشارع سواء اشتغل به أم لا ، ولذلك لا يكون النذر وأشباهه منعقداً ولو لم يشتغل المكلف بالحج ، وهذا بخلاف الاستطاعة المأخوذة في وجوب الحج فإنها لا ترتفع بمجرد الأمر بالخلاف :
التقريب الرابع : لو افترضنا أن القدرة في وجوب الحج شرعية بالمعنى المذكور عن عدم الأمر بالخلاف مع ذلك لا بد من تقديم وجوب الحج على
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ١٣ من أبواب مقدمات الطلاق.