فلا يبقى إلا أن يكون التنزيل بلحاظ حكم غير ثابت للمنزل عليه بل يثبت بنفس دليل التنزيلين وهذا محال ، لأنه لو أريد فيه النّظر إلى إسراء الحكم الثابت في نفس هذا الدليل فهو محال في نفسه لأن معناه افتراض ثبوته قبل ثبوته وإن أريد فيه عدم النّظر إلى حكم موضوع أصلا فهو خلف فرض التنزيل.
وثالثا ـ ان تنزيل القطع بالواقع التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي معناه أخذ القطع بالواقع الجعلي في موضوع الحكم المذكور الّذي هو حكم شرعي واحد وهذا معناه أخذ القطع بالحكم في موضوع شخصه وهو محال عندهم. نعم لو فرض ان الحكم متعدد كما ان التنزيل متعدد فالمأخوذ في أحد الحكمين العلم بالحكم الاخر ولا مانع منه إلا انه خلف وحدة الحكم الشرعي المقصود بالتنزيل.
واما كلام المحقق الخراسانيّ ( قده ) في الكفاية فيرد عليه :
أولا ـ بطلان المقدمة الثانية القائلة باستحالة الطولية بين التنزيلين لجزئي الموضوع الواحد ، فان التنزيل كما عرفت مجرد لسان إثباتي ولا يعني إسراء حقيقيا للحكم إلا بلحاظ المدلول التصديقي الجدي فتعدد التنزيل ليس إلا من باب تعدد القرينة المنفصلة الكاشفة عن جعل الحكم على الموضوع المركب.
ثانيا ـ بطلان المقدمة الأولى في كلامه وهي دعوى الطولية بين التنزيلين ، فان تنزيل القطع بالواقع التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي ليس في طول تنزيل المؤدى ، لأن تنزيل شيء منزلة شيء آخر لا يتوقف على وجود المنزل خارجا بل يتوقف على مجرد افتراضه ، ولذلك ينزل الفقاع منزلة الخمر حتى لو لم يكن فقاع خارجا ، فتنزيل القطع بالمؤدى التنزيلي لا يتوقف على أكثر من فرض ذلك. نعم هنا إشكال اخر وهو إشكال أخذ القطع بالحكم في موضوع شخصه حيث ان التنزيلين بلحاظ حكم واحد وإسراء واحد ، وهذا جوابه ما عرفت مرارا من إمكان أخذ القطع بالجعل في موضوع فعلية المجعول.
ودعوى : ان الجزء الثاني هو القطع بالخمر الواقعي خارجا فيكون الجزء التنزيلي الاخر أيضا هو القطع بالواقع التنزيلي أي العلم بفعلية التنزيل لا العلم بالجعل فان هذا هو المناسب عرفا تنزيله منزلة القطع بالواقع واما العلم بالجعل فليس علما