ضمن مصادرات معينة مشروحة في أسس الدليل الاستقرائي.
المقام الثاني ـ مدركات العقل العملي ، وقد نوقش العقل العملي أيضا من قبل المحدثين بأنه لا يمكن التعويل عليه كدليل على إثبات الحكم الشرعي لقصوره في مقام الكشف كالدليل العقلي النظريّ ، وقد ذكروا في وجهه ما نجده من الاختلاف بين الأعراف والمجتمعات فيما يرجع إلى هذه المدركات فكم من شيء كان يراه عرف أو قبيلة حسنا ويراه الآخرون قبيحا.
وهذا التشكيك الإثباتي في هذا العقل عند ما يتصاعد ينتهي به الشوط إلى تشكيك ثبوتي أشعري تجاه أصل هذه المدركات فينكر على أساسه ثبوت قبح أو حسن ذاتي بقطع النّظر عما حسنه الشارع أو قبحه.
وأيا ما كان فقد نوقش في هذا التشكيك ثبوتيا كان أو إثباتيا بالنقض تارة وبالحل أخرى.
اما النقض فبإيراد محذورين ولازمين باطلين :
أحدهما ـ انه لو شككنا في قضايا العقل العملي فكيف يمكننا أن نثبت بعد ذلك وجوب طاعة الشارع وحرمة معصيته إذ لا يمكن أن يكون هذا الحكم إلا عقليا كما هو مذكور في محله.
وهذا النقض جوابه واضح. اما إذا كان التشكيك في العقل العملي إثباتيا كما هو لدى المحدثين فلا مكان استكشاف إصابة العقل في خصوص هذا الحكم من الأدلة الشرعية الواردة بهذا الصدد وما أكثرها كتابا وسنة.
واما إذا كان التشكيك ثبوتيا فلأنه يقال بعدم الحاجة من أول الأمر إلى إثبات قبح المعصية في مقام تحريك العبد نحو الطاعة إذ يكفي فرض وجود العقاب لذلك وقد ثبت وجوده بالأدلة القطعية والتعرض له كاف لمنع العبد عن المعصية كما ان حصول الثواب كان لتحريكه نحو الطاعة.
ثانيهما ـ انسداد باب إثبات نبوة نبينا محمد ٦ بل ساير النبوات لأن ذلك مبتن على مقدمة عقلية عملية هي قبح إجراء المعجزة على يد الكاذب لأنه تغرير بالناس ونحو من الكذب فيكون قبيحا على الله تعالى. فإذا أنكرنا القبح فكيف يمكن إثبات